Thursday, January 16, 2014

واستصرخت أنـَّاتِها النَّاياتُ





رُدُّوا البضـاعةَ إنَّها مُزْجـَاةُ = في الشهدِ سُمًّا تنفِثُ الحيـاتُ


ذودوا عن الأوطـانِ غولَ مطـامعٍ = لم تنْجُ منه جبـالُـها وحصـاةُ


الغربُ جَمَّع شملـَـهُ  ما بالـُكم = جمعتكمُ  الأدواءُ والفُرقـاتُ؟


ما انفكَّ عالمُـكم يئنُّ تمزُّقـًـا = والذئبُ يفتكُ حين تشرُدُ شاةُ


هذي وحوشُ الغربِ ترصُدُ خوفَكم=شَرَكُ الفريسةِ خوفُها ورُماةُ


أوَ تبحثونَ عن الهُوِيـَّةِ ..وَيْحَكُم = تحت اللـواءِ هُويـَّةٌ ونجاةُ


كـــان الفتيَّ وحيــن كــان مُرَفرِفـًـا = حَمَتِ المرامي جنـدُها وكُماةُ


وصحـا الذئابُ ونام مَن قادوا الورَى = نَهْجُ الذئـابِ تصَـبُّرٌ وأنـَـاةُ


زَرعوا الحضـارةَ والبذورُ تمرُّدٌ = في الوحلِ لم تُقطفْ لها ثمَـراتُ


إلا الرذائـلَ من منابِتِـها جَنَتْ = أيدي البريـَّـةِ  أقفرتْ خيراتُ


وترنَّحتْ بالخـمرِ تنـزِفُ عقلـَـها = وإلـَهُهـا الدولارُ والصفقاتُ


وإذا الحضـارةُ باللئـامِ اسـْـتُنْبِتَت = كفَرت! فلا تُتْـلى بها صـلواتُ


أوَ نرتجي من جَـدْبهم خيرَ الجَنـى = عَمُوا وَصَمـُّوا .. صدَّقت آيـاتُ


بات العِنـانُ على الغواربِ مُطلقــًا = فإذا الطريقُ  مدامعٌ  وشُكاةُ


يا شِرْعة َالغابِ استعيدي بدءَهم = فوق الجماجمِ قـامت “الويلاتُ”


شهِدَ الهنودُ  الحمرُ  ليـلَ مذابحٍ = سـُـلبت حقوقٌ  نبضُـها حَيَوَاتُ


شرعوا استباقَ الحربِ بعد حصارِنـا = صُــفِعت على الخدَّين  حرِّيـاتُ


غالوا الطفـولـةَ..أطفؤوا أفراحَها = عجفاءُ عطْشى  والسليبُ  فُراتُ


عجفـاءُ والبترولُ يجري أنهـُـرا = وعلى السنينَ  تخُيَـِّـمُ  المأساةُ


قد مزَّقوا  جســدَ العراقِ بفُرقةٍ = كي  يجمعَ الوطنَ الجريحَ شَتـاتُ


في بَيْدَرِ التقسيمِ جالَ تَواطؤٌ = مُهَجَ المَغاني يســتبيحُ غُلاةُ


بغدادُ  تُنسَـجُ  مِن دِمـاهـا  بُرْدَةٌ = وطيـورُ  بيـْنٍ  في المَدَى نَعِبـاتُ


يا غزلَنـا المنقوضَ يا بغـدادُ.. مَنْ = للغزلِ إنْ  نقضَ الغزولَ عُـداةُ؟


= = =


هذي “جِنيفُ” تمرَّغت في وَحْلـِهم = شُـرِبت على أشلائها الكاساتُ


يا “رمسْـفِلد” ويا “بليرُ”  تقاسـمـا = عارَ الفضيحةِ سجَّلت  عدساتُ


هذا  هو الوجـْهُ الكريـهُ لحقدِهم = ما الغربُ إلا  نِقمـةٌ  وجُنــاةُ


أوَّاه يا سـجنَ “الغريبِ” تهتـَّكَت = أسـتارُهم وتصـاعدت آهاتُ


مَن للعذابِ المرِّ  يصــفعُ  ظنَّنـا = كنا نظنُّ  إذا بها أنــَّـاتُ


حربُ البشاعةِ والوضاعةِ لم تضعْ = أوزارَهـــا وتباطـأ الميقـاتُ


هرمـًا من الأجسادِ رصَّص  لهوُهم = أوَ في الرَّغامِ تُنَضَّدُ القامـاتُ؟


سحَلوا الكرامةَ والجراحُ  تفاقمتْ = وتكشَّـفت من سِـتْرِها  العوراتُ


حلَّ الرجـالُ محلَّ هاتيـكَ  الدُّمى = عبثَ القيـادةِ تنقلُ  القنـواتُ


صُــلِبوا وعُصِّبت العيـونُ فلا نرى = هولَ الجحوظِ إذا سَـرَت صعقاتُ


مَن ذا  يُهوِّمُ  والنعــاسُ جريمـةٌ = سـادِيَّةٌ قد قنَّنتهـا اللاتُ


وحشـيـةٌ  لم يسـمحِ النـــازي بها = دَمويــَّـةٌ  قد برَّرت غايـاتُ


والإخوةُ الأعـداءُ لم يتورَّعـوا = بلدُ الرشـيدِ تخونُهُ الجـاراتُ


والقابضونَ على الرقـابِ تشاغلوا = مِلْءُ الجفونِ تغافـلٌ وسُباتُ


مَن للبـكاءِ إذا تحجَّـر دمعُنـا ؟ = واستصرختْ أنَّـاتِها النَّايـاتُ؟


= = =


وإذا الكلابُ توحَّشت وتحلَّقت = شُـطِرَت قلوبٌ..شُيِّعَت  عَبَرَاتُ


مَن ذا سـيُخفي في الجرابِ حقيقةً = مِزَقـــًا يُمَزَّقْ  تُطعَـمِ الحدآتُ


هذي وضاعتُهم إذا ما اسْـتوردوا = مِن سـِجنِ “كوبا” جاءتِ الخبراتُ


بل كِدتُ أنسى .. والتَّذكُّرُ نكبـةٌ = مِن سَبْقِنا تُسْـتَنسَـخُ الآفاتُ


  دَكَّتْ حَمــــــاةَ بِليلةٍ أيديْ الفَنـَا = وعلى الخرائطِ دارتِ المِمْحـاةُ


في حافلاتِ الموتِ نقضي نَحبَنــا = جوعًا..أُوَامًـا .. تخنِقُ الزَّفَراتُ


أو حين تَشوينا شموسُ القَهرِ في = عُلَبِ التَّنـاقُـلِ ما لنـا إفلاتُ


والسُّمُّ في الأحشاءِ  يسري كيفما = أمَرَ الملوكُ  ويسْـتجيبُ طُهـاةُ


مُرُّوا  على أحواضِ حِمْضٍ كم بهـا = ذاب الخلائقُ  فانتشت  لذَّاتُ


ولْتنظروا أشـواكَ بُغْضٍ ثَقَّبَت = أقدامَ  مَن هُم في المسيرِ حُفـاةُ


وأناملًا  قد  أُدمِيَتْ  في خِسَّةٍ = نزعـوا الأظافـرَ  أمْحَلتْ رحْمـاتُ


ونَمَتْ سِـياطٌ في الأكُفِّ جُذورُهـا = فاسْتعذبَ السَّلخَ البطيَء عُتـاةُ


شـيـطانُهم قـالَ املأوها تابِلا = بفَمِ الجـراحِ تُنَضَّـدُ الجمَراتُ


بات  الرجـالُ مُنكَّسـينَ وعُلِّقوا = وعَلى الظهورِ السُّـوقُ مُستعِراتُ


وتَمَزَّقَـت أوصـالُهم إذ عُلِّـقت = في المِعْصَمَيْنِ مِن الحديـدِ كُراتُ


قد دُنِّسَـت أعراضُـهم وتَلَطَّخَت = حين اسْـتـُبيحت زوجـةٌ..أخوَاتُ


أو حين ثُبِّت في الحَشَـا ذَيْلُ العَصَا = يا وَيْلَنـا في الأرضِ عاثَ بُغـاةُ!!


نَهَشَت كلابٌ  فالمُـدَرِّبُ حَثَّـها = مات الضميرُ تَكَدَّسـت حسَـراتُ


وإذا الدِّلاءُ  إلى الجِوارِ اسْـتُبقيت = أبشِـعْ بها  إنْ دارتِ الدوراتُ


= = =


أَسمِعتَ عمَّن أُغرِقوا واسْـتُنقِذوا = غرقٌ.. وطفوٌ .. لُعبـةٌ.. مَلهاةُ


سجــَّانُنا حرٌّ تسـلَّى بالوَرَى! = حرٌّ  ولم تُعـْوِزْهُ  مُبتـكــَراتُ


إن شاء يخنِقْ مَن يشاءُ فإنهـا = باتتْ مَشاعًا أضْلُعٌ وَرِئــاتُ


في الجسمِ مُطفــأةٌ سجائرهُ التي = فوق الجفونِ بَدَت لـها بصمـاتُ


جلادُنــا يكوِي وليس مفوَّضـًـا = للنــارِ رَبٌّ  إنْ بدَت عِـلَّاتُ


هذي عيـونٌ أُطفِئت أنوارُهـا = وعلى الشطوطِ تكالبت ظُلُمـاتُ


ذهبَ الصُّراخُ سُدًى وبعثرهُ المدى = حتى مَتى  تتبدَّدُ الصــرخاتُ؟


باتت عظـامٌ  والرَّغَــامُ فِراشُها = في الليلِ ترسُفُ، كُبِّلَت خُطواتُ


للبردِ أنفـاقٌ  وفَنٌّ  ضــارِبٌ = أتَلينُ للفـنِّ الخسـيسِ قنـاةُ؟


والسـجنُ يسـبحُ في ظلامٍ دامِسٍ = عَمِيَتْ على جُدرانِـهِ السّـاعاتُ


أرخى الظلامُ سُـدولَهُ  لم  يَطْوِها = فتشابَهَ الأحيـاءُ  والأمواتُ


وسَـلوا مفاتيحَ  الزنـازينِ التي = لو حُرِّكت لَتَسَـمَّرت نظراتُ


وتوجَّسـت شرًّا سَيُمطِرها أذًى = ومِن المخاوفِ تَنْبَري العشراتُ


تلك الفنونُ هي الجنونُ إذا ارتَــأَوا = نَفخَ البطونِ وأسـهَبت آلاتُ


في الرأسِ مِثْقــــــابٌ يُعَرْبِدُ فــاجـرًا = والقيْــــــدُ مِنْجَلَةٌ  لهــا قَبْضـاتُ


شرفُ الخُصـومةِ مِن عُهودِهمُ انطوى = لُــدٌّ وفي سـاحِ الخِصـامِ عُراةُ


أمَّا المشـــانقُ والنِّصــالُ فإنَّها = بَتَرَتْ زوائدَ والليـــــالِ سُكــاتُ


فالمُترَفـونَ على  الأرائــكِ أزَّهم = رَجْعُ  الأنينِ  فوُورِيَتْ  أصـواتُ


قبرٌ وأُتخِمَ بالجمـــاجمِ .. جُمِّعـت = حُشِـــــدت فكانت ثَمَّ مؤتمراتُ


وتُطِلُّ نافذةُ السـجينِ على الحِمى = هذي بلادُ العُـرْبِ  معتقلاتُ


كلُّ العبـادِ بغيـرِ جُــرْمٍ مذنبٌ = أَوَ في العبيــدِ يُنــازَعُ السَّـاداتُ؟


قُتِلَ الأمـانُ  بخِنجَـرٍ مُتَفَــرِّدٍ = وتقَوقَعتْ في الخوفِ مجتمعـــاتُ


رَدُّوا بضـاعتَنـا إلينـا حسـبُنــا = أدبُ السُّجونِ بِهِ ازدَهَى الإثباتُ


= = =


قلبـاهُ يا بغـدادُ مـاذا بعد مــا = تحتَ النِّعالِ اسْـتُنزِلَت هـامـاتُ؟


وتبوَّل  التـاريخُ  فوق رؤوسنا = صِرنا غثــاءً ما لنــا حُرمــاتُ؟


إن أصبحَ الجـلادُ قـاضينـا فلا = عادت حقوقٌ أوْ ..جَلَتْ نكبـاتُ


ظنُّـوا السيادةَ مِنحةً من فضلِهم = خسِـئوا فتحتَ رَمـادِنا الثوراتُ


ظنُّـوا بأنـَّا سوف نركـعُ لا.. ولن = لا والذي فرض الجهـادَ..أُبــاةُ


يُطفا الغليــــلُ إذا الكلابَ  تلقَّفتْ = أُسْــــــدٌ  ضَوارٍ مِلْؤها الثاراتُ


يا “رمْسِفِلد” رُموسُكم حُفِرت هُنـا = لن تهنؤوا ..للرافـديْنِ حُمَاةُ


= = = 
20/5/2004 
(*) القصيدةُ دندناتٌ حول مشروع الشرق الأوسط الكبير
وما واكَبَهُ مِن كشف النقاب عن تعذيب العراقيين في سجن أبو غْريب

من ديوان بغداد: للرافدَينِ أغنّي
 
نُشِرت في كتاب: عبرات بغدادية لمؤلفِهِ: حميد القيسي



No comments:

Post a Comment