Saturday, January 18, 2014

"أليكسا" يا صهيلَ الموتْ



هنا القدسُ، هنا الوجَعُ، هنا ميسونْ

هنا ترعَى نوائبُنا..لها كلأٌ: أسًى وشجونْ

هنا قتْلٌ بلا ثمنٍ:

سِياطُ الجوعِ.. شفْراتٌ بحدِّ الثلْجْ

هنا موتَى بلا كفنٍ؛

أما يكفي احتضانُ القبرْ؟

هنا خِيَمٌ تُمزِّقُها رياحُ الغدرْ

 غَدَا الأطفالُ أفلاذًا يُجَمِّدُها صقيعُ البردِ والقلبِ

حِصارٌ يخنِقُ الأنفاسَ يستعصي على النُّجُبِ

وباتَ الصّمْتُ ترتيلًا على قيثارةِ العَربِ

ومَا أبِهوا بتكسيرِ الإراداتِ

هنا موتٌ سَريريٌّ لنخوتِنا

وأسئلةٌ لها عُقْمُ الإجاباتِ..

أرى غيبوبةً تُبغَى

 أرى الفيضانَ كَمْ يطغى

ولا جُودِيَّ إن تُقْلِعْ سماواتي..

هنا في قِدْرِنا اللغويِّ كمْ تُطهَى

حروفُ الثورةِ الميمونةِ المَسْعى

على جمرِ الخياناتِ..

هُنا طفلٌ تُصَادَرُ مِن أناملِهِ عُقودُ الفُلّْ

ونَهرٌ مِنْ مدامِعِنا على شَطَّيْهِ ينمو الذُلّْ

هنا حَرْثُ الكراماتِ..

 وجِسرٌ مِنْ تَمَرُّدِنا تُحطِّمُهُ يدُ الجلاَّدْ

 ومِرآةٌ تهَشَّمَ وَجْهُ مَنْ فيها لَدَى تكسيرِهِ الأصفادْ

وتلك رَصاصةُ الخوَّانِ مارِقَةً تُسافرُ في خواصرِنا

وما سَئِمتْ عواصمُنا تُردِّدُ أننا عربٌ لنا أمجادْ

مُدَجَّجَةٌ أسِرَّتُنا بِدفءِ النِّفطِ والشَّجْبِ

وفي صحرائنا باتتْ مُخَثَّرَةً؛

دِماءٌ في عُروقِ الطُّهْرِ؛ شاهِدةً على وحشيَّةِ الحَرْبِ

***

 بِجَوفِ القلبِ أغنيةٌ تَراكمَ فوق قِشرتِها رَمادُ الفرْحْ

 مَعازِفُها مع الأطفالِ إذْ حَفروا تُرابَ عرائِنا العربيِّ؛

كي يئِدوا مع الأجسادِ عُمْقَ الجُرْحْ.

ومَنْ بالدِّفْءِ قد غُمِرَت وسائدُهم، وبالعِطرِ وبالأنغامْ

ومَن مدُّوا أيادي الخيرِ في "ساندي" ؛ نَسُوا الأرحامْ(2)

بكى الجُوريُّ تحت القصفِ مَن أعشاشَهُمْ هجَروا؛

على أوتادِ خيمتِهم..على الأسلاكِ قد نشروا؛

مَخاوفَهم.. وأمتعةً توَلَّى غسْلَها المطرُ!

لعلَّ الشمسَ تفعلُها؛ وتخرُجُ من سِتارِ الغيمِ، تنتشِرُ

يذوبُ الثلْجُ، يصحو المَرْجُ،

 والبسماتُ يا "ميسونُ" تَنْتَثِرُ

هنا كانت لنا لُغةٌ

 تُرافِقُها لنا سِمَةٌ

تَبدّلَ حالُنا الرَّحالْ..

هنا كانت عواصِفُنا حُدودُ دَمارِها الفنجالْ

فهل نبكي على الأطلالْ؟

وقد كانت نُجيماتٌ تُطلُّ على المغاني الخُضْرِ؛

إذْ باتتْ بحِضنِ القمحِ والأمنِ

وقد كانت شِعاراتٌ على قَدمِ الهَنَا تسعَى؛

يُسَربِلُ شالُها مُدُني

هُنا كنَّا..هُنا كانتْ

هُنَا هُنَّا..وما دامَتْ

هنا كانت خيولُ الفَتْحِ في الصّحْوِ وفي النَّومِ

(3)"أليكسا" يا صهيلَ الموتِ هَيَّا أيقظي قَومي


***
16/12/2013 

(1) مَيْسون: اسمٌ من أسماء دمشق

(2) تبرّعت دولتانِ عَربيَّتان معًا بمائتين وستين مليون دولار لضحايا إعصار ساندي في أمريكا(نوفمبر/2012)
(3) موجةُ البرد والثلج الآتية من روسيا ضاربةً المشرق العربي البائس؛ حيث ثوراتُنا المُدَمَّرة، وغزة المحاصَرة وخيام اللاجئين الفلسطينيين والسوريين ومآسٍ يشيبُ لهولِها الوِلدانْ (ديسمبر/2013).

No comments:

Post a Comment