Monday, September 11, 2017

بُورما..ياقوتٌ تحت الرَّمادْ



توثيقًا لصورةِ شقيقين من بورما -طفلٍ وطفلة- بعد فقدِ أسرتهما حيث تحتمي الطفلةُ ببراءةٍ موغلةٍ في أربعِ أو خمسِ سنواتها ؛ بشقيقِها الذي يكبُرُها بنحو عامٍ؛ من فزع الحاضر ودمويتِه، وغيامةٍ سوداءَ تكتنفُ الآتي المجهول..

نُشِرَت في العدد 25 ديسمبر تشرين2 من مجلة المرايا العراقية للشعر والأدب

فَقَدْنا الدِّيارَ وآباءَنَا
وَقِندِيلَ أمنٍ سَخِيَّ السَّنَا
تَعالَيْ لِنُخْفِيَ أجْسادَنَا
بكهفٍ عميقٍ قويِّ البِنا
فقوسُ الرِّهانِ دَنا وانحَنَى
ورَامي السِّهامِ يَصِيدُ الوَنَى
تَعالَيْ لِنُنْكِرَ إيمانَنا
فكاهِنُهُمْ لمْ يَزَلْ ماجِنَا
وأُخْدودُهم في اسْتِعارٍ شديدٍ
ونُمْرودُهُمْ يَسْتَحِثُّ القَنَا
صَرَخنا وما مِن مُجيرٍ لنا؛
لأنَّ الخِلافَ أَقامَ هُنا
يُقَطِّعُ قابيلُ أرحامَنَا 
وَتدفِنُ هابيلَ غِربانُنَا
ومَا انْفَكَّ دَيْدَنُهُمْ مَحوَنَا! 
بإبرةِ فقدٍ وخيطِ الدِّما؛
أَيَادٍ تُطرِّزُ أكفانَنا
تُهيلُ الترابَ على قبرِنا؛
وتُذكي الجِمارَ على أرضِنا
فما مَرَّ مُعتَصِمٌ مِن هنا
لِيَسْحَقَ أَرحاءَ مَنْ قَضَّنا
عَموريَةُ الرُّومِ بانَتْ لنا
مَدائنَ خوفٍ وزَحفٍ دَنَا
وبُوذا يُبارِكُ سَيْلَ الدِّما،
ومِحرَقَةً باتِّساعِ الدُّنا
كَأَنَّ الفَناءَ حَرِيٌّ بِنَا!
تَعالَيْ نُفَتِّشُ عن عُشِّنا
على الغُصنِ مُرْتَجِفًا مِثلَنا
تعالَيْ لِنَنْبِشَ فيما مَضى
لَنَلْقى أبانا حَفِيًّا بِنا
ونَرنو عسانا نرى أُمَّنا،
وتَنُّورَها لَمْ يزَلْ ساخِنا
لِتُنْضِجَ خُبزَ الحنانِ لَنا
وقهوةَ صُبحٍ نَدِيِّ الغِنَا
حليبًا وحلوى.. تَهيبُ بِنا؛
كُلَا يا صَغيرَيَّ مِنْ كَدِّنا
وبعْدُ: العَبَا واركُضَا حَولنا؛
سَنَوْنَوَتينِ بِحِضْنِ الهَنا
ألَا لَيْتَها سَمِعَتْ شَكْوَنَا!
تَعالَيْ لِنبْحثَ عنْ زَوْرَقٍ
لِيَنقِلَنا مِن شطوطِ الضَّنَى
لعلَّ الصباحَ يمُرُّ هناكَ
وَفَيْءَ الأمانِ.. بأسوارِنا
وتصحو الأُخُوَّةُ مِن نَومِها
ويغدو الكِفاحُ لها دَيْدَنا
وقبل العُثورِ على مُبْحِرٍ؛
سَجَا الليلُ مُبْتَلِعًا حُلْمَنا
وَوَقْرٌ أَبَىْ تَرْكَ آذَانِنا!
فيا كبوةَ الخيلِ ماذا جَرَى
أمَا مِنْ نُهوضٍ يُعيدُ الجَنَى؟
وأصدافَ بحرٍ تَحِنُّ إلينا
وَوَشْوَشَةَ المَوجِ أُذْنَ العَنا؟
وغيماتِنا مِنْ شِباكٍ تَجُورُ
ونَجمًا يتوقُ إلى حَيِّنا؟
وذَوْبَ الشموسِ على غُرَّةِ الصبْحِ
يغسِلُ غَضْنَ إهابِ المُنى؟
وياقوتةً عُذِّبَتْ في بَياتٍ
بِتاجِ الملوكِ وقد هَيْمَنا
لِدُوقَةِ "يُوركَ" وميضٌ جميلٌ
كَبَرقٍ تتابعَ فيهِ السَّنَا*
ولَمْ يكفِهِمْ سَلْبُ أقواتِنا
فَشَدُّوا الخِطامَ بِسَهمِ الفَنا
وَأَوْصَوْا بِنا الكاهِنَ الخائِنَا
*****
15/6/2013

 *كانت بورما (أراكان)  مُستعمرةً إنجليزية وكان للياقوت النصيب الأكبر في مجوهرات العرش الملكي البريطاني، وكان مُستخدَمًا في ترصيع التيجان، وتتويج أشهر الملوك والملكات بِتوسط أشهر تيجانهم المتعاقبة في تاريخهم وحتى يومِنا الحاضر، فقد كان خاتم "فيرجي" دوقة "يورك" خاتما من الياقوت الأحمر البورمي، قدَّمه لها الأمير "أندرو" في حفل زواجهما.


من ديوان التراب المُرتَهَن