Saturday, January 25, 2014

وجديلةُ النهرِ استبدَّتْ بالقرارْ



                                                                                    

هذا هو الجَشَعُ المُعتَّقُ

في قَنانيِّ الغريبِ وما لِسَطوتِهِ قرارْ

حتى يكادُ إذا تَكشَّفَ سُمُّهُ أنْ يَسمعَ الصُّمُّ الحِوارْ

ما للأفاعي تستبيحُ النَّهرَ حتى الزهرَ

تلدَغُ باقتدارْ؟

ما للأقاحيْ لم تُفِقْ والحقلُ غطّاهُ الغُبارْ؟

ما للغيومِ الصُّفْرِ بعد تكاثفٍ سَقطتْ على غيرِ انتظارْ؟

وتَشَظَّت الأفكارُ في الأفْقِ المُغَبَّرِ ثُمَّ سَرْبَلَها العُوارْ؟

والحكمةُ الرَّعناءُ حَلوى لاكَها جَهلُ الكبارْ؟

وجديلةُ النَّهرِ استبدَّتْ بالقرارْ

فلسوفَ تَخْنِقُنا وينقلِبُ المسارْ

يا أُمَّتي رَحَلَ النَّهاااااااااااااارْ!

والليلُ داجٍ فيهِ تُرْتَهَنُ النُّجومُ

وفيه دمعُ الجُرحِ يسهَرُ والفَنارْ

زَحَفَ الجرادُ على الشواطئِ حين أغرَتْهُ الثِّمارْ

والغفلةُ استَلْقَتْ وألْقَتْ للشموسِ خُدودَها

حَلَّتْ ضفائرَها وعُقْدَ بَنَفْسَجٍ وتَحرَّرَتْ؛ مِنْ قَيدِها

مِمَّا يُكَدِّرُ صَفْوَها الرَّاني إلى اللاشيءِ تحتَ رَبَابَةٍ

تُخفي تَبَاريحَ التَّصَحُّرِ والدَّمارْ

يا بَيْدَرَ الهَمِّ المُقَدَّسِ، والمواسمُ حَنظلٌ صابُ المرارْ

تُقْنا إلى النيلِ الحبيبِ وما لِتَوقٍ مِن سِتارْ

***

هذا حُزَيْرانُ الحزينْ

ذِكرى الفَجِيعَةِ والأنينْ

يا أَيُّها النَّهرُ الصَّديقْ

يا أيُّها الماضي العَريقْ

والحاضِرُ المَنْسِيُّ والغَدُ والطَّريقْ

كُنَّا نُريدُكَ بِالدَّوالي في الرِّمالِ

مُواسيًا سَيْناءَ تَسْقي الهاربينَ مِن الجحيمْ

لكنَّما قَدَرُ الكِنانَةِ أن تُرَدَّ سهامُها في نَحرِها

قَدَرٌ.. فهل مِن قَوسِهِ اخْتَبَأَتْ جُموعُ الزَّاحِفينْ؟

***

يا نيلُ قُلْ لِلْعابِثينَ الطَّامِعينْ:

إنَّ الوفاءَ سَجيَّتي

في كلِّ شِريانٍ أُريكُم بَصمتي، وَشَهامَتي

لن أخرِقَ الميثاقَ والعهدَ الذي يجري هُنا..في أرضِنا

طميًا يُحاورُ بالحنينِ دِماءَنا وحقولَنا؛

حتى تُؤدّي دَيْنَها:

نَوْرًا يُسَبِّحُ آنَ يَسْبَحُ في بَياضٍ لَوْزُهُ

-وتَضُمُّهُ تَرنيمةُ العُشّاقِ

للصدرِ المُضَرَّج باندياحاتِ البِعادْ-

وفخارَ سُنبُلةٍ بخُصلةِ شَعرِها

ذَهَبٌ حُلِيُّ حُقولِها.. قد شاقَها عيدُ الحصادْ

يا نيلُ لا تسمَعْ لِمن يَنوي اغتيالَ نَخيلِنا وكُرومِنا

تبكيكَ أجفانُ السَّواقي في مَداراتِ الضَّنى

يا نيلُ وابتسمتْ تُراوِدُنا أزاهيرُ المُنى

لا ترضَ بالقُربى لِشَطٍّ لم يُقِمْ

هَرَمًا على سَفْحِ الحضارةِ مِثلَنا

وارجِعْ لنا!

5/6/2013


من ديوان عندما تبكي الديـــــار

 

2 comments:

  1. جميل هو نبض حروفك التي تلامس اوجاع الوطن

    ReplyDelete
  2. الأجمل أن تمري بين السطور لتلبس الحروف تاج المودة وتتلفع بشال الحنين

    ReplyDelete