Friday, August 12, 2016

يا بائعَ الأمَراءِ عُدْ







 
 كَيْفَ الخُروجُ مِنَ المَتَاهةِ والنَّوافِذُ أُترِعَتْ يأسًا وضيقْ 
 كَمْ سائلٍ والفِقْهُ في أيَّامِنا خَدَمَ العِدا، خَذَلَ الصديقْ 
  مَنْ يَرتَجي مِن عَلقميٍّ نَجدةَ الوطنِ الغريقْ؟ 
قابيلُ عادَ ولم تعُدْ غِربانُنا تُعطي دروسَ الدَّفنِ 
للوحشِ المُعربِدِ في المدائِنِ ناهِبًا شَرَفَ الطريقْ 
يا أيُّها الحُزنُ المُسافرُ في دِمانا: أَجَّجَ الظُّلْمُ الحريقْ 
يا أيُّها الفِقهُ المُكَبَّلُ بالخيانةِ؛ إنْ تَعُدْ حُرًّا طليقْ؛ 
فارفِقْ بأسئلةِ الحيارَى شاقَهُم مُفْتٍ يَلِيقْ 
*** 
وَلِغَتْ كلابُ الأرضِ في دَمِنا وما فَتِئتْ تُفَتِّشُ عن مَزيدْ 
والذِئبُ مارَسَ عدلَهُ فينا؛ فلا تَثريبَ إنْ قنَصَ الشَّريدْ 
أمسى القطيعُ، مع الحَماقةِ، يَمدحُ العَدلَ الفريدْ 
وإذا وَريثُ الأنبياءِ إلى بلاطِ المُلكِ يُدْعَى؛ لا يَحيدْ 
باتتْ خزائنُهُ تُعاني تُخْمَةً، والقَصرُ مِن سُحْتٍ؛ مَشيدْ 
فغَدَا المُدَجَّجُ بالعلومِ؛ مُدَوزِنًا أوتارَهُ؛
يتلو على السُّلْطانِ مِنْ سَقَطِ النشيدْ 
عادَ التَّتَارُ وعاثَ في الوِديانِ والأنهارِ جبَّارٌ عنيدْ 
صنعاءُ والفيحاءُ والقُدسُ العتيقةُ في انتظارِ 
المُطفئينَ النارَ غَذَّتْها حقولُ الزيتِ مِن زمنٍ بعيدْ 
سُمِلَتْ عُيونُ الفجرِ في بغدادَ فانتحبَ الرشيدْ
يا بائعَ الأمَراءِ عُدْ؛ 

واسْتدعِ "سيفَ الدِّينِ" بَأْسَ "العِزِّ" والمَجْدَ التَّليدْ
تبكي القلوبُ دَمًا فقدْ نَبَتَتْ نِصالُ الذِّكْرَياتِ وعانقَتْ؛
ليْلًا؛ سَيُنْغِضُ رأسَهُ مِمَّا رَوَى "الكِنْديُّ" عن أَعجازِ ليلٍ أُرْدِفَتْ
ونُجومُهُ ما غادرتْ، وسُدولُهُ تُرخَى على مَنْ تاقَ للفَجْرِ الوليدْ
***** 
9/7/2016 
هوامش 
بائعُ الأُمراء: العِزُّ بنُ عبدِ السلام / سيف الدين: السُّلطان سيف الدين قُطُز 
يُدَوزِنُ أوتارَهُ: يضبِطُها / يُنْغِضُ رأسَهُ: يهزُّها استهزاءً واسْتِصغارًا؛ إذْ يرى أنهُ هو الألْيَل!
الكِنْديّ: امرؤُ القيسُ أشعرُ شُعراءِ العصرِ الجاهليّ وأشعرُ مَن وصفَ الليل

من ديوان: عُذرًا حبيبي المُصطفى
وما تزال أسئلةُ الحيارى تنزِفُ بِلا ضِمادةٍ لأننا: كُنَّا... ثُمَّ فَرَّطنا... فَهُنَّا

9 comments:

  1. السلام عليكي اختي الكريمة جزاكي الله خير جزاء و و فقكي لما تحبين و ترضين امين ’و يسر امركي و نور مشواركي قطعة في الحقيقة اعجبتني و اراقت نفسي لاني عربي و اعتز بعروبتي و كل العرب جزاك الله خيرا

    ReplyDelete
    Replies
    1. وتطغَى الفرنسيةُ على العربيةِ؛ ولكنها لا تمحو الهُوِيَّةَ

      حتى وإن كُنتَ مِن سكانِ "ليون-فرنسا"

      وتبقى كما عهِدنا:

      تُعشِّشُ في قلبِك وطنيَّةٌ باتساعِ الوطنِ من المُحيطِ إلى الخليج

      يا مغربيًّا تسكُنُ قلبَهُ حلبُ

      Delete
  2. انا مش قادر اوصف لحضرتك سعادتي باني اقرا شعر لحد معاصر بالقوة والمعني ده ... حاجة فخمة جدا ... فعلا انا اسف اني اتأخرت ف اني اقرا لحضرتك

    ReplyDelete
    Replies
    1. ذَوَّاقةٌ للشِّعرِ مِن طِرازٍ فريد: مُهندس كيميائيّ وتَهتمُّ بالشعرِ الفصيح

      يُسعِدُني ويُشرِّفُني أن تقرأَ حروفي النازفةَ ألَمًا حاضِرًا وأملًا مُؤجّلًا

      وأنْ تصبِرَ على مُفرداتي المُتعِبة وقاموسي الآتي مِن زمنٍ بعيد

      شرُفتُ بِكَ قارئًا آتيًا على جَناحِ غَيْمةٍ تُمطِرُ السلامَ على كوكبٍ أضناهُ غِيابُ السلام

      Delete
  3. بحثت فلم أجد تعليـق
    بِ بهـائكم حقاً يليـق

    أصبحتُ تائهـاً وغـريق
    يروح الناسُ عنّى ويغدون
    ما بين مُلتهِبِ المشاعِر رفيق
    وبين مُهوّن وأخٌ شقيق
    خآنتنى العربيةُ والأبجديةُ والصديق(القلم)
    وبات إنبهارى هو ما يليـق

    ReplyDelete
    Replies
    1. أمَا وقد قرأتُ تعليقَكَ الجميلَ الآن
      فلمْ أجِدْ أجملَ من أردَّ عليه بالبنفسَجِ والأقحوان
      وسِلالِ زعفران
      علَّها تليقُ بمشاعرِكَ التي نضَّدتَ هُنا عُقودًا مِن الألماسِ والجُمان
      فابقَ كما أنتَ؛ وقد ضممتَ جوانحَكَ على هذا الإنسان

      Delete
  4. لعلّي وفّيتُ قدرَ حُضورِكَ النبيل وعُذرًا لمْ أرَهُ إلا أمس
    انتى الصِدق وانتى الوفـا
    لكِ منّى دعوة بِظهرِ الخفآ
    أناجى العليم بوقتِ الصفـا
    وأقول يا رب ما تُريها الجفا
    وفّيتي والعُذرُ لِجرحى شفا
    وكلُ ألمى بلحظة إختفى
    وغرقت احزانى والسعدُ طفـا
    والعذرُ من أصحابِ العلوُ أدب
    والعفو من أصحابِ الدنوِّ وجبّ
    وقلبى من الفرحة وثب
    لمّا رأى تعليقِكُم كُتِـــب

    انا بخير ولكنّ نفسى ليست كذلك
    مشكورة لسؤالك

    ReplyDelete
  5. وهذه هديّه



    الأرملة المرضعة - للشاعر العراقي معروف الرصافي :

    لَقِيتُها لَيْتَنِـي مَا كُنْتُ أَلْقَاهَـا === تَمْشِي وَقَدْ أَثْقَلَ الإمْلاقُ مَمْشَاهَـا

    أَثْوَابُـهَا رَثَّـةٌ والرِّجْلُ حَافِيَـةٌ === وَالدَّمْعُ تَذْرِفُهُ في الخَدِّ عَيْنَاهَـا

    بَكَتْ مِنَ الفَقْرِ فَاحْمَرَّتْ مَدَامِعُهَا === وَاصْفَرَّ كَالوَرْسِ مِنْ جُوعٍ مُحَيَّاهَـا

    مَاتَ الذي كَانَ يَحْمِيهَا وَيُسْعِدُهَا === فَالدَّهْرُ مِنْ بَعْدِهِ بِالفَقْرِ أَشْقَاهَـا

    المَوْتُ أَفْجَعَهَـا وَالفَقْرُ أَوْجَعَهَا === وَالهَمُّ أَنْحَلَهَا وَالغَمُّ أَضْنَاهَـا

    فَمَنْظَرُ الحُزْنِ مَشْهُودٌ بِمَنْظَرِهَـا === وَالبُؤْسُ مَرْآهُ مَقْرُونٌ بِمَرْآهَـا

    كَرُّ الجَدِيدَيْنِ قَدْ أَبْلَى عَبَاءَتَهَـا === فَانْشَقَّ أَسْفَلُهَا وَانْشَقَّ أَعْلاَهَـا

    وَمَزَّقَ الدَّهْرُ ، وَيْلَ الدَّهْرِ، مِئْزَرَهَا === حَتَّى بَدَا مِنْ شُقُوقِ الثَّوْبِ جَنْبَاهَـا

    تَمْشِي بِأَطْمَارِهَا وَالبَرْدُ يَلْسَعُهَـا === كَأَنَّهُ عَقْرَبٌ شَالَـتْ زُبَانَاهَـا

    حَتَّى غَدَا جِسْمُهَا بِالبَرْدِ مُرْتَجِفَاً === كَالغُصْنِ في الرِّيحِ وَاصْطَكَّتْ ثَنَايَاهَا

    تَمْشِي وَتَحْمِلُ بِاليُسْرَى وَلِيدَتَهَا === حَمْلاً عَلَى الصَّدْرِ مَدْعُومَاً بِيُمْنَاهَـا

    قَدْ قَمَّطَتْهَا بِأَهْـدَامٍ مُمَزَّقَـةٍ === في العَيْنِ مَنْشَرُهَا سَمْجٌ وَمَطْوَاهَـا

    مَا أَنْسَ لا أنْسَ أَنِّي كُنْتُ أَسْمَعُهَا === تَشْكُو إِلَى رَبِّهَا أوْصَابَ دُنْيَاهَـا

    تَقُولُ يَا رَبِّ، لا تَتْرُكْ بِلاَ لَبَنٍ === هَذِي الرَّضِيعَةَ وَارْحَمْنِي وَإيَاهَـا

    مَا تَصْنَعُ الأُمُّ في تَرْبِيبِ طِفْلَتِهَا === إِنْ مَسَّهَا الضُّرُّ حَتَّى جَفَّ ثَدْيَاهَـا

    يَا رَبِّ مَا حِيلَتِي فِيهَا وَقَدْ ذَبُلَتْ === كَزَهْرَةِ الرَّوْضِ فَقْدُ الغَيْثِ أَظْمَاهَـا

    مَا بَالُهَا وَهْيَ طُولَ اللَّيْلِ بَاكِيَةٌ === وَالأُمُّ سَاهِرَةٌ تَبْكِي لِمَبْكَاهَـا

    يَكَادُ يَنْقَدُّ قَلْبِي حِينَ أَنْظُرُهَـا === تَبْكِي وَتَفْتَحُ لِي مِنْ جُوعِهَا فَاهَـا

    وَيْلُمِّهَا طِفْلَـةً بَاتَـتْ مُرَوَّعَـةً === وَبِتُّ مِنْ حَوْلِهَا في اللَّيْلِ أَرْعَاهَـا

    تَبْكِي لِتَشْكُوَ مِنْ دَاءٍ أَلَمَّ بِهَـا === وَلَسْتُ أَفْهَمُ مِنْهَا كُنْهَ شَكْوَاهَـا

    قَدْ فَاتَهَا النُّطْقُ كَالعَجْمَاءِ، أَرْحَمُهَـا === وَلَسْتُ أَعْلَمُ أَيَّ السُّقْمِ آذَاهَـا

    وَيْحَ ابْنَتِي إِنَّ رَيْبَ الدَّهْرِ رَوَّعَهـا === بِالفَقْرِ وَاليُتْمِ ، آهَـاً مِنْهُمَا آهَـا

    كَانَتْ مُصِيبَتُهَا بِالفَقْرِ وَاحَـدَةً === وَمَـوْتُ وَالِدِهَـا بِاليُتْمِ ثَنَّاهَـا

    هَذَا الذي في طَرِيقِي كُنْتُ أَسْمَعُـهُ === مِنْهَا فَأَثَّرَ في نَفْسِي وَأَشْجَاهَـا

    حَتَّى دَنَوْتُ إلَيْهَـا وَهْيَ مَاشِيَـةٌ === وَأَدْمُعِي أَوْسَعَتْ في الخَدِّ مَجْرَاهَـا

    وَقُلْتُ : يَا أُخْتُ مَهْلاً إِنَّنِي رَجُلٌ === أُشَارِكُ النَّاسَ طُرَّاً في بَلاَيَاهَـا

    سَمِعْتُ يَا أُخْتُ شَكْوَى تَهْمِسِينَ بِهَا === في قَالَةٍ أَوْجَعَتْ قَلْبِي بِفَحْوَاهَـا

    هَلْ تَسْمَحُ الأُخْتُ لِي أَنِّي أُشَاطِرُهَا === مَا في يَدِي الآنَ أَسْتَرْضِي بِـهِ اللهَ

    ثُمَّ اجْتَذَبْتُ لَهَا مِنْ جَيْبِ مِلْحَفَتِي === دَرَاهِمَاً كُنْـتُ أَسْتَبْقِي بَقَايَاهَـا

    وَقُلْتُ يَا أُخْتُ أَرْجُو مِنْكِ تَكْرِمَتِي === بِأَخْذِهَـا دُونَ مَا مَنٍّ تَغَشَّاهَـا

    فَأَرْسَلَتْ نَظْرَةً رَعْشَـاءَ رَاجِفَـةً === تَرْمِي السِّهَامَ وَقَلْبِي مِنْ رَمَايَاهَـا

    وَأَخْرَجَتْ زَفَرَاتٍ مِنْ جَوَانِحِهَـا === كَالنَّارِ تَصْعَدُ مِنْ أَعْمَاقِ أَحْشَاهَـا

    وَأَجْهَشَتْ ثُمَّ قَالَتْ وَهْيَ بَاكِيَـةٌ === وَاهَاً لِمِثْلِكَ مِنْ ذِي رِقَّةٍ وَاهَـا

    لَوْ عَمَّ في النَّاسِ حِسٌّ مِثْلُ حِسِّكَ لِي === مَا تَاهَ في فَلَوَاتِ الفَقْرِ مَنْ تَاهَـا

    أَوْ كَانَ في النَّاسِ إِنْصَافٌ وَمَرْحَمَةٌ === لَمْ تَشْكُ أَرْمَلَةٌ ضَنْكَاً بِدُنْيَاهَـا

    هَذِي حِكَايَةُ حَالٍ جِئْتُ أَذْكُرُهَا === وَلَيْسَ يَخْفَى عَلَى الأَحْرَارَ فَحْوَاهَـا

    أَوْلَى الأَنَامِ بِعَطْفِ النَّاسِ أَرْمَلَـةٌ === وَأَشْرَفُ النَّاسِ مَنْ بِالمَالِ وَاسَاهَـا

    ReplyDelete
    Replies
    1. شُكرًا لذائقتِكَ المُرهفة
      والرصافيّ من أقربِ شعراء العراق إلى القلبِ والفِكر
      وإليكَ أُهدي ما ارتجلتُهُ الآن تأثُّرًا بالرصافي
      سَمِعتُ شكواكَ فاضتْ مِنْ سفائنِها//عرفتُ كيف يكونُ القلبُ مَرساها
      فاصبِرْ أُخيَّ على الأمواجِ قاطبةً//لَمْ تُعطِ فانيةٌ يومًا ضحاياها

      Delete