Tuesday, January 14, 2014

بينما تَصبِرُ غزَّة




حين يرتَدُّ الزمانُ القَهقَرى
ألفَ عامٍ في دياجيرِ انحِداراتِ الوَرَى 
وارتِكاساتِ القَماءْ
حينما تنزِفُ أُمَّةْ
- في الليالي المُدلَهِمَّةْ -
إذ أتاها السَّهمُ غَدرًا مِن ثغورِ الجُبَناءْ !
***
كَمْ أُناديكَ أيا مَجدي التَّليدْ
حين يغدو موطنى قَفْرًا مِن السيفِ الرَّشيدْ
شِيمةِ الماضي البعيدْ
بينما عاثَ التتارْ
يذبحونَ الحُلْمَ في مَهْدِ الصِّغارْ
والدُّمَى تَغرَقُ في بحرِ الدِّماءْ !
***
حين يُمسي إخوتي وُرْقًا مَهيضةْ
يُصبِحُ الصيْدُ على نَهْجِ الفريضةْ
يُصْلَبُ الطَّيْرُ على عُودِ الفَناءْ !
***
ينبري صوتُ الدمارْ  
شاهرًا سيفًا على حدَّيْهِ يُقعي ذلك "الفيتو" المُبادِرْ
في البيادِرْ؛
رصَّ أكبادًا على جَمْرِ المَجامِرْ
أيُّ قُبْحٍ، أيُّ عارْ ؟
إنْ خيولٌ تفقِدُ الأطرافَ في حُبِّ النَّهارْ؛
وَسْطَ "أطرافٍ" تَدَلَّتْ في انكسارْ
تشجُبُ البَغيَ بأبواقِ الحَياءْ ؟!
***
مِن سِفاحٍ أسْطُرُ الشعرِ الوليدةْ
حين لا تَنْفَكُّ مِن رَحْمِ القصيدةْ
شاحِذاتٍ عَزمَ أمْصارٍ بليدةْ
بالحَمِيَّاتِ المَضاءْ !
***
هل سَنَخْتَارُ الإجابةْ ؟
حين يَذوي حِسُّنا المقتولُ في ساحِ الرَّتابةْ
ثُمَّ يُخزينا سؤالٌ عن بطولاتِ الحِجارةْ
عن عُيونِ المُلْكِ تَعشى
في غرامٍ بالإمارةْ
والتِهامٍ للبشارةْ
عن سلاحِ النِّفطِ يَخْشى
مِن نِزالاتِ الخَسارةْ
عن جيوشِ العُرْبِ تَغْشى
- في مهارةْ -
 قاعَ قيعانِ المغارةْ
بينما يُسحَقُ شعبٌ فوق سِندانِ العذابْ
والمطارقْ؛
قَدَّها لُؤمُ الذئابْ
وسجا الليلُ سوى زحفِ الأفاعي
أو بَشاعاتِ العُواءْ !
***
عاثَ قَصَّابو المَجازِرْ
فانحنى ظهرُ المَعابِرْ
-لا بِزادْ
يُثقِلُ الميزانَ في يومِ المَعادْ -
إنما بالخِزيِ أو سوقِ الحناجِرْ
يومَ أنْ باعوا القضايا في مزاداتٍ عِجافْ
ثُمَّ باتوا في سباقٍ عبقريٍّ والخِرافْ
واستعاروا قُمْصَ عُثمانَ؛ اشتكى سيفُ الهُراءْ !
***
حين يأتي صوتُ "شافيزٍ" يُحاكي صوتَ إشهارِ السلاحْ:
يسقُطُ السَّفَّاحُ، تحيا غزَّةُ المصباحُ
(يأتي الحُلْمُ في مِشكاةِ فَجرٍ)
بينما أقصى تباشيرَ الصباحِ
العلقميُّونَ؛ ارتَضَوا نِيرَ الولاءْ !
***
حين يعلو "أردوغانْ "
فوق هاماتِ الزمانْ
وانتَقَى رأسٌ مَليءٌ بالهوانْ
مَوقعًا تحت الحذاءْ !
***
حينما تُسجَنُ غزةْ
ثُمَّ تَكتَظُّ الخنادقْ
-لا بأفواهِ البنادقْ -
إنَّما بالشَّامتينْ
ينصرونَ البغيَ بالحِلْفِ المَهينْ
يرصُدونَ "الحَمْسَ" قُربانَ الوفاءْ !
***
ثُمَّ تَخْتَلُّ القيادةْ
يومَ تكسيرِ الإرادةْ
بالإبادةْ
أو بِـأطلالٍ مُعادةْ
رِفْقَ أوشامِ الإباءْ !
***
حينها تبكي التِّلالْ
سُودَ أهوالِ المآلْ
ثُمَّ نبكي عَنْتَرِيَّاتِ الرجالْ
حيث يُنسَى الدَّينُ في عصرِ الخَواءْ !
***
بينما تصْبِرُ غزَّةْ
صبرُها صبرُ الخليلْ
خَدُّها وَردُ الجليلْ
يَلتوِي منها الطريقْ
نَحوَ أحراشٍ تُوَاري سُمَّ خَوَّانٍ شَقيقْ
آهِ مِن سهمٍ على قَيْدِ الإخاءْ
مُضرِمٍ نارًا لِحرقِ الحَقِّ في ليلِ ابتلاءْ !
***
دُرَّتي غزةُ حُرَّةْ
في فَمِ الأعداءِ مُرَّةْ
ما توانَت عن عِناقٍ للنِّضالْ
تُسْرِجُ الرِّيحَ مَطايا
رغمَ أمطارِ المنايا
رغمَ تسميمِ النِّبالْ
بعد أن صلَّت لِإتمامِ العبادةْ؛
مِن كؤوسِ الموتِ فاضت
أبجديّاتُ الشَّهادةْ
ثمَّ تحيا مِن جديدْ
مِن رَمَادِ المِسْكِ والحقِّ الشَّهيدْ
فوق عرشِ الوَردِ يزهو عُرسُها
في مَدارِ المجدِ ترنو شمسُها
يُزهِرُ الزيتونُ.. والليمونُ.. حقلُ البرتقالْ
في بساتينِ الرُّواءْ !
*****

27/1/2009

مِن ديوان: لِلقُدسِ مِعراجٌ

2 comments:

  1. حينما تنزِفُ أُمَّةْ
    - في الليالي المُدلَهِمَّةْ -
    إذ أتاها السَّهمُ غَدرًا مِن ثغورِ الجُبَناءْ !
    ***
    كَمْ أُناديكَ أيا مَجدي التَّليدْ
    حين يغدو موطنى قَفْرًا مِن السيفِ الرَّشيدْ
    شِيمةِ الماضي البعيدْ



    ما اجمل هذا ايتها الشاعرة العامرة بكلّ هذا الوعي والثقافة والحرف الجميل ،،،،،أشكرك كثيرا وأسلّم عليك

    ReplyDelete
  2. إنها مرارةُ التاريخ والمآلاتِ شاعرَنا المَهجريّ الأصيل
    والأمرُّ منها أن نجترَ أمجادَنا ونحن غارقونَ في لُجَجِ الهوان
    فيتضاعفَ إحساسُنا بالضياعِ وتمدُّدِ المسافاتِ بيننا
    وبين العودةإلى المجد الذي كان
    حيّاكَ اللهُ وبيَّاك

    ReplyDelete