Friday, January 24, 2014

في ظلالِ الصمتْ






 من قطوف الذّكرياتْ

في الليالي الحالكاتْ

تلك أنخابُ الأُلَى ارْبَدَّتْ نواياهُمْ

 فَعَبُّوا مِنْ كُؤوسِ الرَّاغمِينْ

مِن نَبيذِ العابِثينْ

ثُمَّ يُضنينا الحَنينْ؛


آنَ تُشجينا مَواويلٌ على رَجْعِ الأنينْ

بين أصداءِ المسافاتِ التي ابْتَلَّتْ بِدمعِ النادمينْ

وَتَحَنَّى صمْتُها بِــ "العَنْدَمِ" المُهرَقِ

في ساحِ الخِصامْ

وَنَمَا الشَّوكُ فَأدمَى: قَدَمًا تَبْغِي الوِصالْ،

دَنْدَناتِ الفَقْدِ والشوقِ الدَّفينْ:

ها هُنا كُنَّا؛ ولكنَّا قَفَلْنا راجِعينْ

ها هُنا كُنَّا؛ ولكنَّا قتلنا الفاتحينْ

وانحنتْ فينا السنينْ

تزرعُ الحِقدَ الدفينْ

في بلاطِ الحاكمينْ

فمضيْنا خاسرينْ:

ضاعَ مِنَّا خيلُ "بِرْباطٍ" وأسوارٌ

 تَعالَتْ حولَ مَجدِ العارفينْ؛

دربَهم نحو السماءْ

عمَّدوا الحُلمَ المُقدَّسْ

تحت شمسِ الحقِّ واسْتَلُّوا الولاءْ

ثُمَّ تاهَ الإخوةُ الأعداءُ وانداحت متاهاتُ الهَباءْ

سَلَّموا السَّجانَ أحلامَ ابنِ زيدونَ

اسْتباحوا الفجرَ أطفاهُ الغيابْ...

***

قصةُ التّفريطِ تُخفَى في كُهوفٍ غائراتٍ في الطَّمَعْ

ثُمَّ تَذروها الرِّياحُ الفاضِحاتُ السَّافياتْ

في مفازاتِ الوجَعْ

حيث يُفنَى ما تَبَقّى

من أمانينا المُدانةْ

تحت أقدامِ الخيانةْ

ثمَّ تَعلوها المهانةْ

حينَ تَستَغشي المساجدْ

في بلادِ الوارثينَ

المجدَ.. قُدَّاسًا صداهـْ ؛

ينبِشُ التاريخَ بالآهاتِ..آهـْ

إنَّهُ الماضي المُحاصَرْ

في دهاليزِ الهروبْ

حينَ تُشقيه الهَزائِمْ

وارتِعاشاتُ الغروبْ

آهِ.. والواقعُ أمسى

يرتدي ثوبَ الذُّهولْ

والمدَى حُلْمٌ يضيقْ

يكتَسي لونَ الذّبولْ؛

ما يُسَمَّى –خِدعةً- صمْتُ الفصولْ

حيث ما انْفَكَّت تُوارَى

في ظلالِ الصمتِ أنوارُ الوصولْ

أو يُغذّيها السَّرابْ...

***

حين تستجلي المَرايا الشَّاخِصاتْ

دمعةَ السّاري بلا صُبحٍ يَبينْ

تسألُ النَّجْمَ الحزينْ

عن طنينِ الرَّاحلينْ

عن مُناجاةِ المَغاني في عيونِ النَّازحينْ

والمباءاتِ التي باتت مَغاراتِ الفَرَقْ؛

قَيْدَ أسرارٍ أُريقَت في فضاءاتِ الغَسَقْ

والنَّوايا في أَتونِ الشَّكِّ تُكوَى..تُختَرَقْ

تُسلِمُ التوحيدَ للجَلْدِ المُشينْ

كيف مرَّتْ من هنا شمسُ الأصيلْ؟

ودَّعَتْ شَطًّا مُدَمَّى بابتِهالاتِ الرحيلْ

حين يُذكي المِلحُ في الجُرحِ الصَّهيلْ

كيفَ.. كيفَ.. اجتاحَهم مَوجُ الغَليلْ؟

كيف باتتْ قُرطُبَةْ؛

دَمعُها ما جَفَّ في كفِّ الغيابْ؟

وحضاراتٌ يُواريها التُّرابْ؟

بيْدَ أنَّ النَّجْمَ أعياهُ الجَوابْ...

***

وانكفا الماضونَ حينَ اسْتَقْبَلوا ظهرَ المِجَنّْ

واشْتَكَتْ غِرناطةٌ واسْتَحْرَمَ الجَفْنُ الوَسَنْ

قَصْرُها المَوْضونُ يبكي ذِكْرَياتٍ وَغَضَنْ

بينما "ولَّادةٌ" مِن بين أمواجِ المِحَنْ؛

حاورَت طيفَ الشَّجَنْ:

هل سنَبقى نرقُبُ الحُلمَ المُسَجَّى

في أخاديدِ الزّمَنْ؟

فاسكُبِ الدمعَ المُسَهَّدْ

وتَطهَّرْ وتَقَلَّدْ

مِن خيولِ العِزِّ مِقْوَدْ

يَدْنُ فجرٌ قد تمرَّدْ

يَنْضُ عن ليلِ المنافي ما تجعَّدْ

مِن أمانيّ الشروقْ

يومَها تغدو تراتيلُ الحَبَقْ

مِن صَدَى أنفاسِنا عَبْرَ الطريقْ

لو دَنا طيرُ المُنى؛ يُسقى سُلافاتِ الإيابْ




***

2/1/2013


في مثل هذا اليوم من عام 1492م كان خروجُنا من بلاد الأندلس
من ديوان: الترابُ المُرتَهَن

2 comments:

  1. رشيقة كثير
    رغم ثقل المواجع
    جميل حرفك وعظيم روحك
    زادك الله من كل خير ماأنقصك
    وبدد وجعنا ووجعك وهمنا وهمك

    ReplyDelete
    Replies
    1. الأرشقُ والأروعُ هو مرورُكِ الجميلُ هنا حبيبتي الغالية منال
      تحت عرشٍ من عروشِ الوردِ في قرطبةَ مدينةِ الوردِ والجمال
      آآآه يا غاليتي لو تدرين كم يوجِعُني غيابُ الوردِ فيها
      وغُروبُ شمسِها
      وكأنه اليوم!!!
      أبكي واللهِ يا منال وأنا أكتُبُ لكِ الآن
      ما كان منذُ أكثر من خمسةِ قرون
      فما أصعبَ أن تكونَ الروحُ مسكونةً بوجعِ الغياب
      دُمتِ تُشاركينني نبضَ إحساسي
      ورسمَ حرفٍ مغموسٍ بمدادِ اللهفة

      Delete