Wednesday, July 17, 2019

إبكِ يا زيتــــــونَ إدلِبْ





وعلى العاصِي نَواعيرٌ تُرَدِّدْ

في اسْتِياءْ

كان فَيْضُ النَّهرِ وَردًا وَزُهورًا

واخْضِرارًا وَرُوَاءْ

فَأرَادُوهُ رَمَادًا وَدِماءً 
وَانْتِحابًا وَخَواءْ

وَيْحَ ثَاراتٍ تَلَظَّى

تَرصُدُ الأحرارَ أَكْنَافَ الإباءْ

وَبَدَا الأكبَرُ مِنها رَاصِدًا شَهرَ الصِّيَامْ

ذاكَ مَا تُخْفِي الصُّدُورْ

وانْجَلَى سِتْرُ اللئامْ

إنَّها سَبَّابَةُ التَّوحيدِ أَزَّتْهُمْ فَجَاؤوا لِبَدَا

لِاجْتِثَاثِ المِئذناتْ.

يَطلُبُونَ الأرضَ والأنْهارَ والأشْجَارَ

والدّفْلَى وحُسْنَ الزَّنْبَقَاتْ

ثُمَّ يُقْصُونَ "الهُنُودَ الحُمْرَ" مِنْ شَامِي

بَدَدَا  وَمِنْ دِفْءِ المَغَانِي، 

بَينَما "سْيَاتِلُ" هذا القَرنِ لا يَبْكِي(1)

ويُعطي بِسَخاءْ:

زُرقَةَ الآبادِ في الشُّطآنِ،

في سَقْفِ السّماءْ

رَقْرقَاتِ الجَدْولِ الجَذْلانِ

مِنْ مَسِّ الهَواءْ.

 سَطْوةَ الجُورِيِّ تَذْرُوها الرِّياحُ العادِياتْ

وَالزَّرَازِيْرَ وَإلْهَامًا بِرَسْمِ الهَمْهَمَاتْ

والسَّوَاقِي الصَّابِراتِ الشَّاهِدَاتْ

طُهْرَ أَنْدَاءِ المُروجْ

وتراتيلَ الغُروبْ

وحَفيفَ القَيْقَبِ الزَّاهِي على مَرِّ الفُصُولْ

رِفْقَ عِيسٍ وَغَزَالاتٍ تَجُولْ

شَفْرَةَ التَّدمِيرِ تُطْوَى في رِسَالاتِ الدُّخانْ(2)

وَبَهاءَ الأُرجُوانْ

وَعَبيرَ البَيْلَسَانْ

سِرَّ حَبَّاتِ الرِّمالْ

دُونَمَا قُدْسِيَّةٍ إلّا لِكُرسيِّ المَآلْ.

ذلِكَ الضَّبُّ المُحَيَّرْ

قَاتِلُ الأبْنَاءِ تَوْهًا،

هلْ لِضِلِّيلٍ بِإرثٍ شَأْنَ هذا أنْ يُغَيَّرْ؟

 لَمْ يَكُنْ رِيحَ الصَّبَا يَومًا ولا كانَتْهُ أقْراطُ الصَّنَوْبَرْ

كانَ  نِيْرونَ  ونارًا  تَسْتَزيدْ

كانَ شَيْلوكْ

مَزَّقَ اللحمَ وأَعطَى مَنْ يُريدْ

***

إبكِ يا زيتونَ إدلِبْ

مَن بَكَوا تحتَ غُصُونِكْ

ُدُونَ مَأوًى بِانتِظارِ الدَّفْنِ في حِضْنِ جُذورِكْ

لَمْ يَزَلْ صَدْيانَ قابيلٌ، وجَمْرُ الحِقْدِ حَيٌّ في أَتُونِكْ

ما سَمِعنَا في الحَكَايا

أوْ رأينَا في المَرايَا

"أنَّ للثَّعلَبِ دِينَا" (3)

أنَّ جَلَّادًا تَخَلَّى وَغَدَا طِيْبًا وَلِينَا

"فَاسْنِدُوا الأنقاضَ بِالأنقاضِ"

ذَا  سِفْرُ العُهودْ(4)

واكتُبُوا التَّاريخَ إذْ أنْتُمْ شُهُودْ

لا بِأحبارِ القُعُودْ

أَوْ كَمَا يَبْغي الطُّغاةْ

,,يا حَمَاةُ .. يا حُمَاةُ .. يا أُسُودْ,,

إنَّمَا الشِّريانُ رِفْدٌ لِوَضَاءاتِ الخُلودْ

في مَواثيقِ التَّحَدِّي والتَّمَاهِي والصُّعودْ.

إنَّهُمْ مَاضُونَ لا أَنَّاتِ جُرْحٍ 
خُضِّبَتْ

بِالجُلَّنَارِ اسْتَوْقَفَتْ زَحفَ البُغَاةْ

يَحرِقُونَ الرِّيفَ مِنْ كُلِّ الجِهاتْ

قَاتِلُوهُمْ!

وَاتْبَعُوهُمْ حيثُ لا يَخْلوْ لَهُمْ

جَوٌّ لِبَيْضٍ أوْ صَفِيرْ(5)

بِئسَ تَنقيرٌ حَقيرْ

في المَدارِسْ

في المَشَافِي

في الرَّوَابِي والسُّهولْ 

 في عُيونٍ كَمْ هَمَتْ

عِندَ اشتِعالِ النارِ في بَحرِ الحُقولْ

وَالضَّمِيرْ:

باتَ مَكْسورَ الجَناحْ؛

هلْ لِمكسورِ جَناحٍ أنْ يَطيرْ؟

ليسَ في الغَاباتِ إلَّا

زَحفُ ثُعْبانٍ لِيَلْقَى حَتْفَهُ ذاكَ الأسِيرْ

طالَ لَيْلُ الظُّلْمِ هَيَّا ثَقِّبُوا صَخْرَ الجِدَارِ

"كَيْ يَمُرَّ النّورُ" للسَّارِي(6)

وَلِلأَجْيالِ في الليلِ الضَّريرْ
مايو2019

من ديوان: تراتيل دمشقية



Sunday, July 7, 2019

صَمْتُ العَارِفِيــــــــــــــنْ



هَذِهِ النَّاقةُ آيةْ

قَالَهَا "صالِحُ" فَارْبَدَّتْ وُجُوهُ الرَّافِضِينْ

سَكْرَةُ الطَّغْوَى أَبَتْ أنْ يُسمَعَ الصَّوتُ الرَّزينْ

لا تَمَسُّوها بِسُوءٍ؛ وَيْحَكُمْ لَوْ تَفْعَلُونْ

فَانْبَرَى "الأشْقَى" لِيَسْتَدْعِي المَنونْ

بَيْنَمَا كانَ التَّحَدِّي والمُجُونْ؛

يَرسُمانِ الشَّكَّ في سَمْتَ اليقينْ!

هَكَذَا رَاقَ العُصَاةَ الصَّمْتُ، صَمْتُ العَارِفِينْ

فاسْتَحَقُّوا أنْ يَكونوا "العَاقِرينْ"

سُنَّةُ اللهِ قَضَتْ أنْ يَخْلُدَ الحُكْمُ المُبِينْ

فَتَلَقَّفْ وِزْرَ أَسْيافِ السُّكوتْ!

مُشْرَعَاتٍ كَنِصَالِ الصَّمتِ فِي أَيْدِي ثَمُودْ

صِرتَ عَاقِرْ!
كَابْنِ سَالِفْ

دُونَمَا أيِّ دِماءٍ خَضَّبَتْ سَيْفَكَ في سَاحِ النِّزَالْ

صَوْتُ عاقِلْ
لمْ يُخَالِفْ:

إنَّها إنْ جَفَّتِ البِئْرُ عَرَفْنَا قِيمةَ المَاءِ الزُّلالْ!

كاهِنٌ مَنْ حَمَّلَ الرِّيحَ أغانيْ

الباطلِ المَنْحُوتِ مِنْ قَهرِ الشُّعوبْ

مِنْ صُخُورٍ رَابِضَاتٍ في القُلوبْ

حيثُ تَربُو في دُجى الليلِ خُيوطُ العنكبُوتْ

فانْزِعُوا عنهُ عَباءاتِ التَّعَالُمْ
وادِّعاءَاتِ القُنُوتْ.

وانْصُروا المَظلومَ إنَّ النَّصرَ دَيْنٌ 
فَوقَ هاماتِ الدُّيُونْ

سَارِعُوا إذْ كيفَ يُلْقَى النُّورُ في قَاعِ السُّجونْ؟

أيُّ قَيظٍ يَرتَوِي الصَّديانُ فيهِ مِنْ سَرابْ؟

أيُّ عَيْشٍ والإدامُ الذُّلُّ والتَّنُّورُ يُلقِي:

لا رَغِيفَ الرُّوحِ؛ بَلْ خُبزَ المَهانةِ والعَذابْ

كيفَ نَجْني مِنْ قُطوفِ الحِكمةِ البَلْجاءِ

وَالأقلامُ غَصَّتْ 
بِمِدادِ الزَّيْفِ والمَيْنِ المَهينْ

كَيْفَ يُمْسِي فِي عِدادِ الرَّاحِلينْ؛

مَنْ يُعِدُّ العابِرينْ

لِاغْتِنَامِ العَدْلِ في دَارِ البَقَاءْ؟

فَالحياةُ المَوتُ والمَوتُ الحَيَاةْ!

أَيُّ زُهْدٍ بِانتظارِ الصَّافِرَاتْ

عِنْدَمَا تَأتي مَحَطَّاتُ النُّزُولْ

والنِّهَاياتُ الوُصولْ

لِبِدَايَاتِ اللقَاءْ؛

إذْ حَصَادُ العُمْرِ في كَفِّ الرَّحِيلْ

واقْرؤوا هذا البيانَ المُسْتَحِيلْ:

أَتَمَنَّى "حِينَ أرحَلْ"

أنَّنِي رَتَّبْتُ في عِقْدِ جُمَانٍ "أوْلَوِيَّاتِ" النَّقاءْ

أنَّني صَافَحتُ أَغلَى "كِلْمَةٍ" مِن أبجَدِيَّاتِ الإبَاءْ

أنَّنِي قَدْ قُلْتُ شيئًا لَمْ يُوَشَّحْ بِالهَبَاءْ

علَّ في صَحراءِ مَنْ لَبَّى النِّدَاءْ،

شَجْرَةً، والكَسْرُ فيها جاءَ مِنْ تَحتِ اللّحَاءْ!

***

كيفَ يَنْجُو مِنْ فَناءٍ في بُحورٍ مِنْ دِماءْ

ذلكَ الكَوْكَبُ والظُّلْمُ مَظَلَّاتُ الخَواءْ؟

ذلكَ الكَوْكَبُ مَنْزُوعُ التَّآخِي والوَفاءْ؟

ذلكَ الكَوْكَبُ مَاْفُونُ القَضَاءْ؟

فَارفَعُوا الأحكامَ بالإعدامِ عَمَّنْ

نَافَحُوا عنكُمْ

لِكَيْ يَخْضَرَّ ما قَدْ صارَ يَبْسَا وَقُنُوطْ

دَافِعُوا عَنْهُمْ

وعَنْ حقٍّ أرادَ المُرجِفُونَ أنْ يَموتْ


 يونيو 2019
من ديوان: العصفور الذي نَسي