طلَعَ النَّهارُ بِلا ضياءٍ يا حلَبْ

خَفَضَتْ "جِرِنْكا" رأسَها

مِنْ هَولِ ما سَحَقوا حَلبْ

حلبٌ أُبيدتْ يا عربْ

وكما أرادَ أبو لَهبْ

ذبحوا الرِّجالَ على الجُسورْ

سَحقوا الأمانَ لَدَى العُبُورْ

والحُزنُ في قلبي يمورْ:

مَنْ لِلحرائرِ تُغتَصَبْ؟

لَقدِ اسْتَبَقْنَ الموتَ حين تأخَّرَتْ:

زُمَرُ الفتاوَى الخاشِعاتِ أمامَ مِحرابِ الذَّهبْ

 مَحصورةً في الذِّكرِ أوْ تَركِ الصَّلاةِ بِلا سَبَبْ

في مُفْسِداتِ الصَّومِ مِنْ كُحلٍ وَسَبّْ

تَركوا القَواصِمَ بَيْنَما عِرْضُ العَواصِمِ يُنْتَهَبْ

واستسلَمَتْ كلُّ السُّيوفِ غَدَتْ خَشَبْ

وإذا تَجَاسَرَ واعِظٌ؛

فالنَّارُ في الأُخدودِ تلتهِمُ العَمائمَ والجُبَبْ

مَنْ لِلجَماجِمِ ,وَيْحَنَا,

قَفَزَتْ إلى أرضِ الفداءِ تَهَشَّمَتْ

سالتْ دِماءٌ تغسِلُ الشرفَ الرفيعْ

وتَعاورَ الذُّؤبانُ أفئدةَ القطيعْ

وجُيوشُنا في مَرْتَعِ الخِصْبِ الوديعْ

مَنْ ذا يُكفْكِفُ أدمُعَ الوطنِ الصَّريعْ

والحُرُّ يرسُفُ في قيودِ الأسْرِ والمُلْكِ الوَضيعْ

حَلَبٌ أُبيدَتْ يا نُجُبْ

فَلتَحبِسوا الفَتْوى

وتُلقُوا في سِلالِ المُهمَلاتِ؛

الحِبْرَ والأقلامَ والعِلْمَ الذي:

فوقَ الرفوفِ أصابَهُ عَفَنٌ..عَطَبْ؛

وتَكَلَّسَتْ فيهِ الفَتاوَى والخُطَبْ

طلَعَ النَّهارُ بِلا ضياءٍ يا حلَبْ

وَتَحَلَّلتْ فِيهِ الضمائِرُ يا بَني "لِينينَ"

يا صَفَوِيُّ؛ وَالعَدْلُ انسَحَبْ

وتَهلَّلَ المُتَفَيْهِقونَ؛

تَنَطَّعوا وتقارعُوا كأسَ الطَّرَبْ

فَرِحوا بِمصَّاصِ الدِّماءِ؛

ومِنْ دِمَا الأطفالِ عَبّْ

رَقصوا لِتحريرِ الحياةِ مِنَ الحياةِ؛

بِلا حَياءٍ أو حُجُبْ

فَنَمَتْ على شُرُفاتِهمْ

,خُضْرًا, عناقيدُ التَّرَقِّي والرُّتَبْ

أَفَلَتْ نُجومُكِ يا حَلَبْ

والدَّمْعُ يَهْمِي والقَمَاري تَنتَحِبْ

يا عارَنا.. تَركوكِ وحدَكِ يا حلَبْ

الوَعدُ مَقطوعُ النَّسَبْ

والوَغْدُ مِنْ شَرقٍ وغَربْ

تبًّا لِمؤتمراتِكم؛ قِمَمٍ بَدَتْ مُسْتَحقَرةْ

تَبًّا لحَشْدِ حُشودِكم؛ حُمُرٍ غَدَتْ مُسْتَنفَرةْ

يا هيئةَ الأُممِ التي اتَّحدَتْ

لِقَتْلِ مَدينتي ما خطْبُكُم؟

أَفَتَطمَحونْ:

تَمريرَ سَطوةِ نَهبِكُم؟

تَدميرَ قلْعةِ صبرِها؟ 
لا؛ إنها دَرَسَتْ جروزني عَرَّجَتْ؛

قَرأَتْ سراييفو

لِتَزْأرَ في ضَواحيها لُيوثٌ مِنْ غَضَبْ.

يا دَاخِلِينَ ولَمْ يَعَافُوا: جُحرَ ضَبّْ؛

قًسَمًا بِمَنْ رفعَ السَّماءَ بِلا عَمَدْ

ستكونُ (بَدرٌ) بَعدَما

أرخَتْ سُدولَ الليلِ داميةً (أُحُدْ)

سَتَعودُ شَهباءُ المَلاحِمِ والقصائدِ والمَدَدْ

سَتعودُ للثأرِ المُزَنَّرِ بالبُطولةِ والعَجَبْ

سَتقومُ مِنْ تحتِ الرَّمادِ وَتَرتَدي حِمَمًا.. شُهُبْ

وتخُطُّ نَصرًا تَستضيئُ بِهِ السَّماءُ مع الكُتُبْ

أوَمَا قرأتُمْ عن حَلَبْ؟

13/12/2016

جِرِنكا: القريةُ الأسبانيةُ التي أُبيدت بتحريضٍ مِن الحاكِمِ الدِّكتاتور فرانكو، وخلَّدَها بيكاسّو في لَوحتِهِ الشهيرةِ باسمِها 

جروزني: عاصمةُ الشيشان التي دمَّرَها الروس... سراييفو: عاصمةُ البوسنة وقد دمَّرها الصِّرب

 

من ديوان: تراتيل دمشقية

 

 

أُدرِجَت القصيدة في كتاب 

 

حلب الشهباء في عيون الشعراء، المجلد الثالث: حلب في شعر ...

https://books.google.com.eg › books

· Translate this page

Hasan Kujjah · 2022 · ‎Poetry

)والقلب يحرق ياحلب( للشاعرة ) ثريا نبوي( ثم تسابقوا في حرق سنبلها المدجج بالذهب.. حرقوا كروم الفستق الحلبي والزيتون، والأطفال، جنات العنب.

يا بنةَ الشامِ تَعالَيْ

إنَّهُ القانونُ في أقصى الدِّيارْ

دَوَّنُوهُ في غَياباتِ ادِّعاءٍ بِالوَقارْ!

حَدُّهُ المَسنونُ يَقْضي لِلعُروشِ المَلَكِيَّةْ

بابتِعادٍ عنْ تَمَاسٍّ بالرَّعيَّةْ

فالمَليكاتُ رُموزٌ طَوْطَمِيَّةْ

والمُلوكُ اسْتَنْفَروا جَوْرَ القَرارْ

بَيْدَ أنَّ الحَقَّ يُمْسي في صِراعاتِ الهُوِيَّةْ:

سَيْفَ رُعبٍ مُشْهَرًا في وَجْهِ قُرصانِ البِحارْ

فَتَوَضَّأْ مِن جِرارِ النُّورِأَرشِدْ

 نَجْمَ " تَدْمُرْ" كَيْ يَعُودَ إلى المَدَارْ

 

أوْ تَيَمَّمْ أيُّها المَسْكونُ بالرَّفْضِ المُقدَّسْ؛

لَمْ يَزَلْ تِبْرًا تُرابٌ؛ لَمْ يُدَنَّسْ

ضُمَّهُ في القلبِ إنْ لَم يَتِّسِع للتِّبْرِ مَنْجَمْ

وَتَقَدَّمْ ثُمَّ يَمِّمْ صوْبَ أنوارِ الفَنارْ

وَتَعَلَّمْ في شَآمِ العِزِّ دَرْسًا في التَّحدِّي: في حياةٍ واحتِضارْ

ها هيَ العنقاءُ قامَتْ وَأَشاحَتْ، قَدُّها رُمْحٌ يُغطِّيهِ الغُبارْ

تاجُ عِفَّتِها المُرَصَّعُ بِالحَصَى الدُّرِّيِّ كانَ هو الخِمارْ

وَيْكَأَنَّ اللمْسَ في شَرعِ النُّفوسِ العَسْجَدِيَّةْ؛

مَحْضُ تَدنيسٍ وعارْ

فاترُكوها وابْلَعوا الدَّهشةَ –عاشَتْ- لَمْ تَمُتْ بَعدُ القضيةْ

خَبَّأَتْ أحرازَها في القلبِ؛ حارَ المُرجِفونَ،

اقْتَصَّ أعداءُ الوفاءْ

كيف بَعد السَّعيِ للتغريبِ والإقصاءِ في جُنْحِ الليالي؛

تَعتَلي حُرَّةُ  شامي صَهْوةَ الطُّهْرِ المُوَشَّى بالفِداءْ،

بشُموسٍ ساطعاتٍ تَحرُسُ الدِّفْلَى وآياتِ النَّهارْ

إنَّها بِنْتُ الحَضارةِ و"الوَليدِ" ، اليومَ قامتْ لا تُبالِي؛

أنَّها قد عَانَقَتْ مَوتًا ومالتْ:

أَسْقُفٌ؛ وانقَضَّ يركعُ فوقَ هامَتِها جِدارْ!

***

يا بنةَ الشامِ تَعالَيْ

نَغزلُ الحُزنَ على حُمْقٍ تَدَلَّى

مِنْ ذُؤاباتِ الخِيانَةِ والعَدَاءْ

مِنْ تَجاعيدِ الرَّعاديدِ الذينَ

بايَعُوا الشيطانَ ... ظنُّوا الكَفَّ مَلْأى بِانتصارْ

وَتَعالَيْ؛ نَشربُ العَزمَ كؤوسًا مِنْ عناقيدِ الإباءْ

سَوفَ نَعدُو؛ نُوقِظُ الفجرَ المُسَجَّى في مَرَافي الاِنتظارْ

وَغَدًا تُشرِقُ فوقَ الغُوطةِ الفَيْحاءِ شمسُ العارِفينْ:

أبْجديَّاتِ المَسارْ

إنْ تَكُنْ مَرَّتْ هُنا ثُمَّ اكْفَهَرَّتْ واختَفَتْ خَلْفَ الغُيومْ؛

فَلِكَيْ تُبْرِقَ لِلعُشْبِ الدَّءوبْ؛

بِشُعاعٍ يَستَحِي مِنْ هَمْسِهِ الحادي: ذُبولٌ واصْفِرارْ

ذاتَ صُبْحٍ..

سوف تأتينا ذُكاءٌ ثُمَّ تَبقَى في بَوادِي الشامِ تسقِي:

السّوسَنَ الصّديانَ عِطرًا وازدِهارْ

ثُمَّ يصحو الليْلَكُ الغافي على ثأرِ المَواني آنَ تُلْقي

شِسْعَ نَعْلٍ والخَوافي؛ مِن صَواري السُّفْنِ لِلبَحرِ الغَضوبْ؛

مَنْ تَمَطَّوا؛ والكراسي سابِحاتٌ في دِمانا؛

ثُمَّ ناموا أكمَلوا الحُلْمَ الطَّروبْ

يَصْدُقُ التَّاريخُ؛ تَغدو الرِّيحُ سَرْجَ المُنْقِذينَ

الشامَ مِنْ جُبِّ الغُروبْ

لا يُبالي الحُرُّ إنْ هاجَتْ أعاصيرُ البِحارْ

لا تقولي: أينَ مِنِّي

يَومَ يَلوي العَدْلُ أعناقًا لإطعامِ المَقاصِلْ

في فَوَاصِلْ

يَرتَدي فيها البَوَاسِلْ

غَضْبَةَ البُركانِ مِمَّن أشعلوا الأوطانَ نارًا؛

أصْلَتوا سَيْفَ الدَّمَارْ

*****

7/12/2016

*ماتت ملِكةُ تايلاند غَرقًا عام 1880م أمام حُرَّاسِها وخَدَمِها ولم يُنقِذها أحدُهم لأن مَن يلمَس الملكة يُعدَم

وأُخرى إنجليزية سقطتْ من فوقِ فَرَسِها الرَّعناءِ وبقيتْ مُعلّقة؛ وتركها السَّائسُ حتى ماتتْ.

الغَيابَة: القاع من كل شيء/ أَشاحَ: جَدَّ في الاعتراض/ المُسَجَّى: المُمَدّد /ذُكاء: اسمٌ من أسماءِ الشمس/ الصَّهوة: المقعد على ظهر الفرس /الدِّفْلَى: زهرةٌ /الذُّؤابات: أعالي الأشياء / شِسْع نعلٍ: الجزء المُلامِس للأرض من النعل /الخوافي: مؤخِّرات حوافر الخيل /أصلَتَ السيفَ: جَرَّدَهُ مِن غِمْدِه

الصورة أعلاه للطفلة "بسمة" شهيدة حِمص

مِن ديوان: تراتيل دمشقية