Friday, January 17, 2014

بين أزهـــــــــــــارٍ وخِنْجَر

 
عاث في "أُرْكَ" فسادًا ذلك الثورُ المُقدَّسْ
ماتَ "أنكيدو" وألْفٌ مِن مَهاري السِّلْمِ
عند الشاطئِ العاتي المُمَجَّسْ
فتَهاوَت ألفُ منديلٍ على أهدابِها نقْشُ الإباءْ؛
وارتقتْ مِنْ بينِ أهدابِ الحريقْ
 هَكذَا عادتْ إلينا كربَلاءْ؛
فَانحنى ظهرُ الصَّبايا والثكالى، وبكت عَيْنُ السماءْ
وَهَمَى الدَّمْعُ فَراشاتِ دماءْ
خَضَّبَت ثوبَ الطريقْ
وانبرَى تِنِّينُ نارٍ مِن ظلامِ الغابِ يعوي
يرشِقُ الأفْقَ المُعَنَّى بِسهامٍ مِنْ شَرارْ
وجِمَارٍ مِنْ تَباريحِ الدمارْ
ثمَّ ما انفكَّتْ مَصارِعْ
إخوةِ المِلحِ تُلاحقْ
تُرْسَ ساعاتِ النَّهارْ
تنثُرُ العَنْدَمَ في وَجْهِ العقاربْ
لا تَرى عينُ التَّحَدِّي والفُضولْ:
نَرجِسيَّاتِ المُيولْ
زحفَ غَيْماتِ المَغولْ؛
تُمطِرُ الوادي جِمالاتٍ مِن اللهبِ المُرابي
والدِّمَا باتتْ سُيولْ
أيُّ قلبٍ قد تحَجَّرْ؟
دبَّرَ الجُرحَ لقاءً بين أزهارٍ وخِنْجَرْ؟
قلبُ طفلٍ قد تَفجَّرْ
باتَ عُنوانَ المجازِرْ؛
-تَذبحُ الحقَّ.. ذُؤاباتِ النَّهارْ-
صوتُ رُعبٍ وَشَمَ العُمرَ المُغادِرْ؛
في تُخوتِ الياسَمينِ الغَضِّ صَولاتُ التتارْ!
***
مَن لِصُبْحٍ قد تَهاوَى في متاهاتِ الغُروبْ؛
إذْ رأى الأقمارَ تَذوي بالتواءاتِ الدُّروبْ؟
ورَأى إبليسَ قَزْمًا بين هاماتِ الكِبارْ
أيُّ أمطارٍ غِزارْ؟
أيُّ ماءِ الكونِ يا "عِشْتارُ" يمحو ذلك الغَبْشَ المُثَارْ؛
عن مَرايا تعكسُ التاريخَ أوْ وَجْهَ الفَنَارْ؟
أيُّ خيْطٍ من خُيوطِ الضوءِ يَسبي ظُلْمةَ الوادِي المُدَنَّسْ؛
بدماءِ الرَّافِضين؟
وَدِماءِ الياسَمينْ؛
نازفاتٍ في النُّجَيْماتِ التي اصطَفَّتْ على قَبْرِ الضَّميرْ
واشماتٍ عَلْقَمِيَّاتٍ وفي أكنافِها يُقْعي الفُجورْ
أيُّ أفعًى سَرقتْ من شاطئِ الخُلْدِ الزهورْ؟
آهِ يا جَلْجامِشَ الحُلْمِ الشَّهيدْ
آهِ مِن طعمِ الليالي بين قُضْبانِ الحديدْ
فارسَ الفَجرِ البَعيدْ:
وَيْ! كأنَّ الجَفْنَ مَكْحولًا بِأحلامِ المُرِيدْ؛
كان مَطويًّا على الأفعَى وزهرِ الخُلدِ والشَّطِّ البعيدْ!
***
بيتَ هَمِّي  يا بلادي، يا جُروحًا غائراتٍ في الفؤادِ
 لِشَكاتي، دَنْدَناتي، والتَّنادِي:
أنْصِتي؛ مِلحُ القوافي يُنتقَى مما نُعاني مِن عِنادِ
واسمعي شَدْوَ العصافيرِ.. التَّغنّي بالمُرادِ؛
في حُقولِ القمحِ ترنو صَفْوَ أقمارِ الحصادِ
وانظُري زَحفَ العَراجينِ التي اجْتُثَتْ بأسيافِ التَّمادي؛
كيفَ تَنسى ظُلْمَها عَبْرَ السِّنينْ؟
واعلَمي: في المَوتِ تَحيا أبْجَديَّاتُ انتفاضاتِ الشُّعوبْ!
واشهَدي كيف استحالَ القَيدُ في أيْدي الأُسارَى عَسْجَدِيَّاتِ اليقينْ
لا لِسَهْمٍ -إنْ تَحرَّرْ- لِجِعَابٍ أنْ يؤوبْ!
***
مِنْ قُطوفِ النُّصْحِ أُسْدِي قبلَ تغريبِ المَفارِقْ:
فارفِقي بِي واسكُبي الغيمَ على تلكَ الحرائِقْ؛
كفكفي دمعَ الزنابِقْ،
والتَقيها.. دَثِّريها بالأمانْ
ذاتَ حُلْمٍ فيه سَحْقٌ لِلمشانِقْ؛
أشهِدي الصَّفصافَ إنْ صَفْوٌ يُعانِقْ،
ضمِّدي جُرحًا بقلبِ الأقحُوانْ
    واصدُقي الزَّنْبَقَ وعدًا في ظلالِ الأُرجُوانْ
ولْنَعُدْ خالًا -كما كنَّا- على خَدِّ الزمانْ!
*****
1/9/2013
أُرْك: هي أوراك أو أوروك مدينةُ الحضارةِ البابليّة

 العَنْدَمُ: نوعٌ من الخِضاب أو: دَمُ الغزالِ أو دَمُ الأخَوَين


مِن ديوان: الترابُ المُرْتَهَن


No comments:

Post a Comment