Wednesday, January 15, 2014

متى يا ليلُ تُحتَضَرُ؟




أأبكي حِمْصَ أمْ أبكي على الشامِ؟

سألتُ القلبَ فاحترقَتْ بنارِ الثَّكْلِ أيَّامي

على جُرحِ الشآمِ بكتْ

قلوبٌ تَعشقُ الجُوريَّ والسَّوسَنْ

وجُرحُ الشامِ في قلبي أُداويهِ فلا يَسْكُنْ

تُنادي حِمْصُ مُعتصِمًا: أنا في الأسْرِ؛ فُكّوني

تُنادي حِمْصُ للقُربَى: أغيثوني

ولكنَّا أجبناها: بأنَّ "أُوبامَ" لم يأذنْ

وأنَّ الصبرَ يُسْتَحسَنْ!

وأنَّ سيوفَنا صدِئتْ؛ فَلِلأعداءِ لم تُصلَتْ،

وَتُرْفَعُ آنَ نَشْحَذُها؛ على الأوطانْ

لأن سلاحَنا الأعمى بلا عُنوانْ!

مُغيَّمةٌ مرايانا؛

فكيف نرى تَوَغُّلَ صمتِنا في الصَّمتْ؟

وكيف ثقوبُ ذاكرةٍ

تراختْ، أسقطتْ ما كان مَدعُوًّا بلادَ الشامْ؟

وكيف نرى تَوَحُّشَنا على الأرحامْ؟

وكيف تلَوَّنَت جُوريَّةٌ حمراءُ مِن دَمِهم،

وما اهتزتْ لنا أجفانْ؟

وكيف انشقَّ حَلْقُ الطفلِ مِن عطشٍ

وكم حُرِقَتْ غُصونُ البانْ؟

وكيف بنادقُ الأنذالِ

صوبَ براءةِ الأطفالِ

صوَّبَها تُيوسُ الغدرْ؟

وكيف اغتيلَتِ البسْماتُ واللُّعَبُ

بحِضنِ الياسَمينِ الغَضّْ؟

وكيف غدَتْ أسِرَّتُهم هي "الأسفلتْ"،

كما باتتْ وسائدُهم حُطامَ البيتْ؟

وكيف اخضرَّتْ الدَّهشاتُ في أحداقِهم..كَبِروا،

قُبيلَ أوانِ قطفِ الوَردِ؛ شيَّبَهم نَشيجُ الخوفْ

***

متى يا ليلُ تُحتَضَرُ؟

ويَشفي غِلَّهُ القمرُ؟

يُداوي الليلَكَ المجروحَ في الغاراتِ..يعتذِرُ

يُعيدُ الضوءَ للشمسِ.. وينتحِرُ

ألا يا حِمصُ فاصطبري

قُصيرُ الشامِ قد لبَّتْ، إلى عُكّازِها استندتْ؛

وسيفُ الوَغدِ في الخَصرِ!

فصُدّي الموتَ عن "دوما" و"داريّا"..عن "الوعْرِ"

ولا تُلقي على الأملِ الرَّحَى وامضي

ومَهما كان مِن نزفٍ ومِن وَثَنِ؛

فجُرحُ الأمسِ تلفِقُهُ يدُ الزمَنِ

وتلكَ "جِرِنْكا" شاهدةٌ

على تاريخِ مَذبحةٍ رَعَتها مُدْيَةُ "فْرانْكو"

فإن هبَّتْ رياحُ البعثِ حاملةً

رَمادَ فؤادِ عَنْقاءٍ؛

لِتذروَ منه حبَّاتٍ

على شجرٍ خريفيٍّ، على الحقلِ،

وجادَ الغيمُ وانهَمَرَتْ

خُيوطٌ صَاغَها المَطَرُ؛

تراءَى الحقلُ مُخضرًّا،

وَمَاسَ النَّخلُ والشَّجَرُ.

*****
21/7/2013


رابط تسجيل صوتي بصوت الشاعر المغربي الكبير: د. سعيد عبيد

No comments:

Post a Comment