Tuesday, March 31, 2020

أَجراسُ فَقْدٍ تُقْرَعُ





 والأرضُ كوكبُنا غَريمٌ يُصْرَعُ

صِرنا قُلوبًا تَضْرَعُ

صِرنا عُيونًا تَدمَعُ

صِرنا أَكُفًّا تُرفَعُ

أَمسَتْ مَنَازِلُنا سُجُونًا

وَالسَّلاسِلُ مِنْ مَخَاوِفَ تُصْنَعُ

كُشِفَتْ مَعادِنُنا

السَّمينُ لهُ الأصالةُ مَنجَمًا

وَالغَثُّ في هذَا الأَتونِ يُوَدَّعُ

وتوَقَّفَتْ

كلُّ الدَّواليبِ التي دارتْ

بِتُرسِ خَطيئةٍ لا يُردَعُ

/إلَّا الحُروبَ السُّمُّ في أنيابِها
يأبَى انطِفاءَ لَهيبِها

أوْ أنَّها 
في الحَجْرِ يَومًا تُوْدَعُ/

بِمُحارِبٍ

دَقَّتْ مَلامِحُهُ

فَأينَ الأنفُ؟ مَنْ ذا يَجدَعُ؟

لا حِقْدَ يَحمِلُ حينَ تُرسِلُهُ السَّماءُ

مُهذِّبًا ومُؤدِّبًا

,,وبِلا عَصًا أو دِرَّةٍ,,

لكنَّ عالَمَنَا غَدَا مِنْ خَوفِهِ يَتَقَوقَعُ

***

حَمَلتْ خَليَّتُهُ الوَحيدةُ

أبْجَدِيّاتِ الحياةِ تَحُثُّهُ هيَّا إلى

مَأوًى بغَيرِ تَعدِّياتٍ

حيثُ لا أحدٌ يُضامُ فَيَجزَعُ

فَالبَحثُ يبدأُ شَوكةً

في الحَلْقِ ليستْ تُنزَعُ

والرِّحلةُ الكَأداءُ تطوي العُمْرَ طيًّا

والرئاتُ المَرتَعُ

تلكَ البراءةُ في صَهيلِ السَّعيِ

مَنْ يُصغِي إليها يَفزَعُ

إلَّا الذينَ تَدَبَّروا الآياتِ

في كأسِ الهِدايةِ تُترَعُ

سُبحان مَن أعطى الخَلائقَ خَلْقَها

وهَدَى إلى شَطِّ النَّجاةِ

فَمِنهمُ

مَنْ يَلقَفُ الطّوقَ المنيعَ

وَمَنْ غَدَا يتَمَنَّعُ

***

مَرَّتْ بِنا نِعَمٌ تَشِفُّ

لأنها لَبِسَتْ غِلالاتِ الهَنَا

وإذا انتبَهنَا لا تَجِفُّ

وَيَشرَئِبُّ المُنحنَى

صارتْ فَراشاتٍ تَرِفُّ

مُزَركَشاتٍ مِنْ تلاوينِ السَّنَا

لكنَّنا لَمْ ننتبِهْ أنَّ الزوالَ بَدَا يزِفُّ

جزاءَ مَنْ هَجَرَ الثَّنا

وإذا بِنَا

بَاتَتْ مَدَائِنُنَا خَرابًا دَاكِنَا

نَصْحو على أَجراسِ فَقْدٍ تُقْرَعُ 

وَنُعوشُنا في كُلِّ فَجٍّ تُوزَعُ

***

وُوْهَانُ تِنِّينٌ ومِنْ فَمِهِ السَّمومُ

ونارُ داءٍ مُسْتَطيرْ

حَصَدَ الغَنيَّ كما الفقيرْ

وَالكَهْلُ ماتَ بِحِضْنِهِ غَضٌّ صَغِيرْ

بَادَ الطبيبُ مع المريضِ كأنّما

كانَا هُنَا شَرْوَى نَقِيرْ

في شَرعِ قَرصَنَةٍ لها

أَيْدٍ بِجَيبِ المُسْتَجِيرْ

قَضَتِ الرَّعِيَّةُ والملوكُ

فَلا خَفيرَ ولا وزيرْ

والعِلْمُ في دَنِّ الجَهالَةِ يُنقَعُ

***

يا ربِّ إنَّا 
في خِضَمِّ المُوبِقاتِ

أريتَنا القُدْراتِ

فادفعْ عن سفينتِنا خَرقناها

مُشاغَبَةً وغَفلاتٍ

فأينَ لِراتِقٍ مُتَكَدِّرِ النِّياتِ

مَبتورِ العزائِمِ

ثمّ مَكرورِ الهزائِمِ

بِالقُصاصاتِ التي

مِنْ ثَوبِ إخلاصٍ تُقَدُّ فَتَرقَعُ

الآنَ غَادَرَتِ السَّلامَةُ وانتَحتْ

دُسُرٌ عنِ الألواحِ

زَمْجَرَتِ الرياحُ،

المَوجُ هاجمَنَا فَبِتنا

كالذينَ اسْتَعصَموا

بِجبَالِ وَهْمٍ تُرفَعُ 

يا ربِّ إنَّا

بِانتظارِ الصُّبْحِ ذَاتَ تَنَفُّسٍ

مِن غَيرِ أحزانٍ ولا رَجْفٍ على

نَبْضِ القُلوبِ يُوَزَّعُ

فامْنَحْ إلهي العفوَ إنَّا في رِحابِكَ

لا نخافُ سِوى عذابِكَ

والصَّدَى: إنَّا بِبابِكَ

قد أنَخْنَا تحتَ غَيمِ الدَّمعِ

نَدعو نَسْتَجيرُ ونَخشَعُ

  23/3/2020
https://youtu.be/AOjfSsG7PG4
إعداد نبيلة العرجا - لبنان

 يَزِفُّ: يُسرِعُ   
تُوزَعُ: تُصَفُّ فيلحقُ آخرُها بأولِها
شَرْوَى نقير: بِلا قيمة
 دُسُر: حِبالٌ تربطُ الألواح

من ديوان: عُذرًا حبيبي المُصطفى




8 comments:


  1. يا ربُّ إنا
    بِانتظارِ الصُّبْحِ ذَاتَ تَنَفُّسٍ

    مِن غَيرِ أحزانٍ ولا رَجْفٍ على

    نَبْضِ القُلوبِ يُوَزَّعُ
    ما ابدع ما خطته روحك وما نبض به قلبك..وصّفتِ الحال ببراعة وغصت بعمق وراءه واستشرفت مآله بقلب نؤمن حكيم..سلم اليراع ودام النبض ممتطيا صهوة الإبداع..واسمحي لي بمشاركتها على صفحتي في الفايس بوك

    ReplyDelete
    Replies
    1. شاعرة التوليب بلبلتي الصّدّاحة
      جميلٌ أن تظهر هُوِيّتُكِ الآن مُعنونةً بـــ "نزهة في الجغرافيا"
      لتنطلق من طرابلس الشرق فتجوب بنا عوالِمَ السحر في المَلَكوت
      على بساطِ الأدبِ اللبنانيّ الذي أمسكَ أطرافَه عمالقةُ المهجر
      ورصّعوه لنا بألماسِ حروفِهم ورهف مخيالهم
      ليكونَ أدبًا عابرًا للقاراتِ
      بإنسانيةٍ لا تحدّها الجغرافيا ولا التاريخ
      وتشرحُ للدنيا مواقع الجمال وينابيعه
      في خرائط بلدة الأَرزِ وعروس المتوسط
      وقلوب أهل لبنان الطيبين

      Delete
  2. الأبدع هو هذا الحضور الجميل الذي انداحت منه العطورُ بين السطور وإن كنتُ لم أستطع التعرف على الجُوريّ الذي مرّ هنا فأسعدَ الحروف وأنزلها منازل الشعر..كان حريًّا به التوقيع!!! وبانتظارِهِ أبقى ..أمَّا عن الفايس بوك فإنني أخشى القراصنة الذين يستحِلون تدوير أعمال الآخرين ودمغها بأسمائهم؛ إلّا إذا كانت هناك وسيلةٌ للحماية كأن تُنشر بصيغة البي دي إف.. إلى حدٍّ ما المكان هنا آمن نسبيًّا.. سلالُ زعفران وقوافلُ ياسمين

    ReplyDelete
    Replies
    1. ثريتي الغالية ، أنا نبيلة واعذريني لأني لم اعرّف عن نفسي..اعتقدت أن الإيمايل سيظهر وستعرفيني منه..تحياتي المضمخة بعطر الليلك💜

      Delete
  3. فضلًا قرائي الأعزاء أرجو من كل مَن يُشرِّفُني بالتعليق أن يوقِّعَ خاصةً إذا كان من زملاءِ الجوجل بلس سابقًا حيث لا تظهر الأسماء..مع خالص المودةِ والاحترام.. ودُمتُم ترفِدون نهرَ الإبداعِ والإخلاص

    تراتيلُ وُدٍّ وأرتالُ وَرد

    ReplyDelete

  4. فارسة تمتطي صهوة جواد اللغة الجامح تقبض يمناها على لجام جوادها وبالأخرى قلم ترسم به لوحة فنية تنتزع بها اعجاب القارئ رغما عنه.

    ألا سلم عقلٌ وعى وأنامل خطت وقلب تكلم.
    محمود نبوي

    ReplyDelete
    Replies
    1. لم تترك لي شيئًا أردّ به على هذه البلاغة الآسرة وقد أتيتَ على مُعجَمِ الجمالِ؛
      فأنتَ الآن فارسَ الميدانِ أديبَنا المُبهرَ الفنّان
      الرائع محمود عاصم نبوي
      أسعدني أن تمرّ هُنا مُكلّلًا بعطاء الرَّنْدِ والريحان
      فتقبل منِّي باقاتِ أُقحوان مُطرّزةً بشقائقِ النُّعمان

      Delete
  5. الأديبة الجميلة صدى الروح
    حيَّاكِ اللهُ وبيّاكِ يا غالية يا عِطرًا يضوعُ في حديقة التواصل
    لم يظهر تعليقُكِ ولكنه دثّرَ المكان بأناقةِ المرور والمشاعر
    كل عام وأنتِ حبيبتي

    ReplyDelete