Sunday, February 16, 2014

ضِدَّينِ بات الخبزُ والحريّةْ

           

 يا أوَّلَ الرَّصاصِ يا مُخيَّمَ الفِداءْ
يا غُصَّةً في القلبِ ما لها شِفاءْ
يا قِبْلَةَ الرَّحيلِ من حِيفا ويافا والجليلْ؛
إلى حدائقِ الجُوريِّ في "الفيْحاءْ" (1)
الصمتُ والتجويعُ والتركيعُ يقتلونْ؛
براءةَ الأحلامِ في العيونِ المَقدِسيّةْ
ضِدَّينِ بات الخبزُ والحريّةْ!
ضدَّينِ؛ في "اليرموكِ" .. في سوريّةْ
العُشْبَ ليلًا يأكلُ المُحاصَرونَ بالمَنيّةْ
فيما النَّهارُ مَوئلُ الجوعِ المُغَطَّى بالرصاصِ
لا مَناصَ مِن عيونِ البندقيّةْ
"آلاءُ" كانت زهرةً بريئةً ندِيَّةْ (2)
مَصَّت رحيقَ عُمرِها مَجامِرُ السَّادِيّةْ
فلْتوقِفوا نزفَ الحياةِ في الرُّبى المَسبيّةْ
ولْتَدْفِنوا الأحقادَ في المقابرِ النَّازيّةْ.
= = =
في مِحنةِ التغريبِ إذْ تُعادُ تحت القصفِ، هل مِن مُنْجِيَةْ؟
نيرانُ قَنْصِ النَّازحينَ مِن خيامٍ للخِيامِ التاليَةْ؛
تؤجِّجُ الحنينَ للمِفتاحِ والديارِ الخاليَةْ.
أين الحليبُ والدواءْ؟ 
وأين خبزُ البادِيَةْ؟
ما عادَ جمرُ الكَسْتِناءْ
ما عادَ وَمْضُ الأتْقِياءْ
ما مَرَّ ها هُنَا عُمَرْ
ما عادَ تعريشُ الحكايا في السَّمَرْ
تحت القمرْ
أو حول مَوْقِدِ المَساءْ
هنا فقطْ؛ مُحَلَّلٌ لحمُ القِطَطْ
لحمُ الكلابِ قد أُعِدَّ للشِّواءْ
هنا مجازرُ الحقوقِ وابتكاراتُ البلاءْ
هنا الصلاةُ في معابدِ العروبةِ السَّنِيّةْ
فريضةٌ مَنسيّةْ؛
فحين يُرفعُ الأذانُ للجهادِ والإباءْ؛
بلا وضوءٍ؛ تُسرَجُ السِّجَّادةُ العَصيّةْ
هنا الملاحِمُ التي أصداؤها حُروفُها عِبْريّةْ
سيوفُنا مَمْهورةٌ: قابيلُ لَم يزلْ على عهدِ الوفاءْ
دِماؤنا- بِلا بَواكٍ- خَضَّبَتْ معالِمَ الطريقِ والأشلاءْ
 حيثُ الغيومُ ترتدي دُروعَها؛ العِصْيانْ
والقَحطُ والذُّبولُ في مَشاتلِ الحنانْ
يا سيفَنا .. يا مَرْتَعَ الرَّمْداءْ؛ 
هيّا اكتحِلْ وسدِّدِ الطِّعانْ؛
لقلبِ مَنْ يُذَبِّحونَ زنْبقَ الجُولانْ
يُحطِّمونَ قلْعتي الشرقيّةْ؛
بِمِعْوَلِ المَجوسِ والنُّصَيْرِيِّ الجَبانْ
= = =
14/2/2014

(1) الفيحاء: اسمٌ من أسماء دمشق ، والجُوريُّ وردُها الشهير  
(2) آلاء المصري: طفلةٌ ممن قتلهم التجويع في المخيم 


من ديوان: تراتيل دمشقية

Friday, February 14, 2014

وعَبْلةُ في ثيابِ المُكرَهينا

            
           


         وماذا بعد فُرقــــتِنا.. وفينا = صُدوعٌ قاتلاتٌ تحتوينا؟

وفي اللأواءِ باتتْ عَبْلُ تبكي = وتَذْرِفُ دمعَها الشَّاكي حَنينا

رمَى الجُهَّالُ فُرسانًا أُباةً = بِوحلٍ مِن فتاوَى المُرجِفينا

فَأخطأتِ الرِّماحُ الغاصِبينا = وصُوِّبَ سَمْهَريٌّ للبَنينا

لقد قُتِلَتْ عصافيرٌ تُغنِّي = أَتَصدَحُ في وُجوهِ الظّالمينا؟

عبيدُ القومِ لوَّامُو الضحايا = وبالجلَّادِ باتوا مُهتدِينا

أشادوا بالرَّصاصِ وبالأيادي = وقد سُفِكَتْ دماءُ السَّاجِدِينا

ألا يا ألْفَ قابيلٍ فُتِنْتُم = وغَرَّتْكم جِنانُ المُترَفِينا

أَتَخلُدُ في العيونِ دُموعُ قومٍ = على أعتَابِهم نَصَبوا اليَقِينا؟

غَدَا نَهْجُ الأوائِلِ مُقْتَداهُم = وما كان الأُلَى مُتَقَوقِعِينا

تَلائِلُهُم على حَدِّ المنايا = وما ارتَجَفوا وجادُوا باسِمِينا 

نشيدُ الحُرِّ مَلْحَمةٌ ودَينٌ = يُؤدَّى مِن دِماءِ المُنشِدِينا

 (وللحريَّةِ الحمراءِ بابٌ) = غَدَا مِصراعُهُ للحُرِّ دِينا

= = =
فيا وطنًا غدَوتَ لهم "تُرويْكا" = ويركبُها غُلاةُ النَّاهِبِينا

وناحَتْ وُرْقُنا مُتَسائلاتٍ = أيَهدي اللهُ كيدَ الخائنِينا؟

مواسِمُ ذَبحِنا مُتلاحِقاتٌ = وما اخْتلَجَتْ رُموشُ الذَّابِحينا

وعَنترةٌ إلى الفَلَوَاتِ يُقصَى = وعَبْلَةُ في ثيابِ المُكرَهِينا

جَوادُ الحقِّ يُسرِجُهُ نبيلٌ = وكَسْبُ رِهانِهِ للمُنصفِينا

وما كانت بكَبوتِهِ الخطايا = مُسَوِّغةً لِنَحرِ المُخطئينا

فإنْ يَكْبُ الجَوادُ غَدًا سَنَعدو = لأحلامِ البَنَفْسَجِ عائدِينا

سَتُشعَلُ ثورةٌ في كلِّ فَجٍّ = ويَشْوِي القُبْحَ جَمْرُ الثَّائرينا

غَدَا القُمْرُ الشُّدَاةُ دَليلَ قَومٍ = وَغُولُ الظُّلْمِ يُوشِكُ أنْ يَحِينَا

لِتنفَلِقَ الليالي عن صباحٍ = يُوَضِّئُ مِن ضياهُ الصَّابِرينا

فَتبتَسِمَ الشموسُ على رُبانا = وتلبَسَ غَيمةً للحالِمِينا

= = =
15/10/2013
اللأواء: الشِّدَّة   / التلائل: جمع تَليل وهو العُنُق

«ترويكا»: كلمة روسية الأصل، وتعني عربة تجرها ثلاثة خيول

من ديوان: عندما تبكي الديار

يا مَن تَحنَّت بِتِبْرِ الشمسِ غُرَّتُها






يا "هالةَ" الشمسِ والأقمارِ غَنِّينا:
نحنُ الشَّهادةُ مِن أسمَى أمانينا
حَسُّونةٌ صَدَحَتْ بالنصرِ أغنيَةً:
الجنَّةُ اقْتَرَبتْ والصَّبرُ حادِينا!
يا وردةَ الفكرِ في آفاقِنا نَبَتَتْ
عِطرُ البطولةِ في الآفاقِ يُحيينا
للزهرِ عُمرٌ رَحيقُ الزهرِ يكتُبُهُ
وَلِلحدائقِ أشْذاءٌ تُواسينا
تَجري دموعي على خدّي سَواكِبُها
والفَقْدُ مَجمَرةٌ...أَمْسَتْ بَراكينا
"فينوسُ" كيفَ؟ ألمْ تخجَلْ بنادقُهم؟
تُفَّاحُ خَدٍّ.. ولَحْظُ الغِيدِ يَسبينا
عَرْشُ الشَّهادةِ لا عَرشُ الزِّفافِ دَنَا
وَحشُ الرَّصاصِ غَدَا في الكَهْفِ تِنِّينا
يا مَن تَحنَّت بِتِبْرِ الشمسِ غُرَّتُها
مِن شُقْرَةَ الصُّبْحِ في كَفَّيْكِ حَنِّينا!
يا تحت عِشرينَ مِنْ وَرْدِ السنينَ غَدَتْ
ترنو إلى وطنٍ يُدْنِي المُحِبِّينا!
يا مَنْ لَهَا ركعةٌ بِالعِشْقِ تُلْهِبُنا
توَضَّأَتْ بالدِّما.. أَمَّتْ مَيامِينا
أنعاكِ فالنُّورُ في الهَيْجا يُعَضِّدُنا
ويمسحُ البؤسَ إنْ غامتْ ليالينا
***
في دُجْيةِ الليلِ ماجَ الظُّلْمُ في صَخَبٍ
لو أُشْرِعَ العَدلُ ريحُ الغدْرِ تُردِينا
كيف استباحوا الدِّما والوَحدةُ انفرطَتْ
وكيف أَرعَنُهُم أعطَوهُ سِكِّينا؟
ذَبْحُ الحقائقِ في المِحرابِ دَيْدُنُهُم
نَشْرُ الأكاذيبِ يَحتلُّ العَناوينا!
والمَكرُ باتَ كُراتِ الثلْجِ دَحرَجَها
دِينُ الثعالبِ؛ هل تدري لها دِينا؟!
يا لوعةَ الثَّكْلِ يا جَمْرًا به احترَقَتْ
قلوبُ مَن خَضَّروا ثَوراتِ وادِينا
بَرْدِيَّةً دَوَّنَ التَّاريخُ، فَاعتَبِري
وازْهِي بما كان يَسْتقوِي بهِ "مِينا"
رِفْقًا بقلبي أيا أُمِّي ويا وَجَعي
الحُزنُ يغزِلُنا.. والهَمُّ يَطوينا
يا لُوتَسَ الشَّرْقِ لاتَنْسَيْ مَحَبَّتَنا
واسْتَمْطِري غَيْمَةً تُحيي تَدانِينا
*****


23/7/2013


من ديوان: العصفور الذي نَسِي

على كفِّ أُمنيَّةٍ تستفيقْ




على كَتِفِ الهَدْمِ.. في العَتْمِ

يَنعِقُ بُومُ الهزائمْ

فتغدو رؤوسُ البنينَ ولائمْ؛

لِعِقْبانَ تكرَهُ سِلْمَ الرِّهانْ

ويشهدُ ما دمَّرَتْهُ المكائدْ؛

تُطوِّحُنا للرياحِ رهائنْ

وتكتُمُ أنفاسَ وردِ المدائنْ

وتَكسِرُ أجنحةً رَفْرَفَتْ تَحْتَفِي بِالسَّلامْ

فيعلو ويعلو ويعلو السؤالْ:

لماذا تراجعَ حُلْمُ الأمانْ؟

وقبلَ الرَّحيلِ يُرصِّعُ أيامَنا بالطِّعانْ؟

وما مِن مُجيبٍ؛ لأنَّا تَخَذْنا الرؤوسَ نِعالْ

ونحن نَلوكُ حُروفَ النِّضالْ.

لماذا تُراقُ دِماءُ الحقيقةْ؟

لماذا أُوَارُ السِّهامِ الصَّديقةْ؟

لماذا تَغَنَّتْ بناياتِ فُرقتِنا ناعِقاتُ الهوانْ؟

لماذا تَعكَّرَ يا نيلُ صَفْوُكْ؟

لماذا تَنَكَّرَ يا أُمُّ وَجْهُكْ؟

لماذا تَوازِي الطريقينِ نَهجُكْ؟

لماذا اكْفَهرَّت غُيومُ الزمانْ؟

لماذا على قبرِكِ المُشْتَهى

يُصَفِّقُ حفَّارُهُ  لِاقْتِتَالِ المَهَا

إذا خَضَّبَتْ صَخرةَ المُنْتَهى،

بالدِّما..بينما؛ لونُها واحدٌ آنَ تَسقِي

شرايينَ عَوسجةٍ في مَرامي الخِصامْ

لماذا الحرائقُ أجَّجَها وانتشى حِينَ جفَّتْ؛

على حافةِ البِئْرِ حِفْنَةُ ماءٍ تُرامْ؟

وما انفكَّ يهتِفُ بالريحِ: هُبِّي لتنتشرَ النارُ في العُشْبِ؛

تأكلَ ما ينسِجُ النهرُ من سُنْدُسٍ للوئامْ

أما تُدركينَ دماءَ البنينَ
بكأسِ المُرابي وكأسِ الغريبْ؟

وهل تجدلينَ ضفائرَ حُبٍّ
وتُخفينَ فيها سِوارَ الحبيبْ؟

هرِمتُ وحُلْمي حبيسُ المنامْ!

ويا كَمْ تَهجَّى البنونَ
جَدائِلَ شمسِكِ إنْ آذنَتْ بالمغيبْ

ونَعناعَ نيلِكِ آنَ يُوشْوِشُ في الشاطئينِ

أنينَ السواقي، حنينَ الغروبْ؛

إلى الفَجْرِ حتَّى يعودَ إليكِ نَدِيًّا
على كفِّ أُمنيَّةٍ تستفيقْ

فتغسِلَ بالنُّورِ أهدابَها،
بِكُحلِ فَراشَاتِ لَيْلِكِ تَمْلأُ أجفانَها

ولَيْلُكِ كَمْ حنَّكتْهُ الدُّروبْ؛

فوحَّدَ شَمْلَ طقوسِ التَّحدِّي
وصحوةَ أفئدةِ الزعفرانْ

وتَبْقَى ابْتِسَامَةُ شَمْسِ الحَنانْ
علَى وَجْنَةٍ لَثَمَ الأُرْجُوانْ،
 تَمِيمةَ هذي الأَمَانِيْ الحِسَانْ.


ويا كَمْ تقاسمَ حُلْمَ البنفْسَجِ
مَنْ في ظلالِ النَّخيلِ تراءَوا؛

على تلَّةٍ يَقسِمونَ النَّسيمَ
وخُبزًا ومِلْحًا وأنَّاتِ نايْ؛

تُريقُ الحَكايا إذا جَنَّ ليلٌ:

نُجومًا تَحرَّرُ مِن رِبْقَةِ القيدِ في فَلَكٍ أبدِيٍّ؛

تُعانِقُ مَوجًا.. ليُوقِفَ عُمرًا من الدَّورانْ.  

تُرى هل تَعودينَ بعد الغيابِ
لِيَشْتَجِرَ العدلُ بالصَّولَجانْ؟

ويحدوكِ "مِينا" لكي تستفيقي
بلحنِ الحياةِ مع العُنفوانْ؟

فغُضِّي الجراحَ وشُدِّي الصباحَ
إليكِ بِحبلِ الوِدادِ الجُمانْ

وصَلِّي لِتُطفا دُموعُ الثكالى،
وصِيري شُموعًا بليلِ الأيامَى،
وبَسمةَ عيدٍ تُعيدُ اليتامى؛
إليكِ قُبَيْلَ فواتِ الأوانْ.

 
10/2/2014
إلى كل المُتلونينَ الدَّاعينَ إلى الفُرقة، ناعقي الخرابِ وحَفَّاري القبور
 من ديوان: عندما تبكي الديار