Thursday, May 8, 2014

هيَ زَهْرَةٌ

 
الآن أعرفُ أين غِيضَ العُمرُ
يا قمرًا أطلَّ مِن السماءِ
على أخاديدِ العَناءِ
تشابكت
في وَجْهِ جَدَّتِكِ العجوزِ
وقد تشابَهَ والمِحاقَ
فلم تُطِقْ مِرآتُها
أن تحفظَ السِّرَّ المُراقَ
وفي الصحيفةِ سَطَّرَتْهُ يَدُ الزَّمَنْ !
تلك الأخاديدُ التي
ما عاد يجلوها ابتسامٌ أو وَسَنْ !
جَفَّت وعاثت في خرائطِها
خياناتُ الغَضَنْ !
***
الآن أعرفُ أنَّ فيكِ العمرَ يبدأُ مِن جديد
نبضُهُ الدَّقَّاقُ يهتِفُ عند فُوَّهَةِ الوريدْ
إذْ يحمِلُ البُشرى إلى دنيا التَّناحُرِ يومَ عيدْ:
صَهْ .. واسمعوا النَّبَأَ السعيدْ:
أَوَ قد عَلِمْتُمْ أنَّ "هـانِيَةً" أتت؟!
أنَّ العوالمَ مِن ضغائنِها خَلَت؟!
وتَبَسَّمَ الفجرُ الوليدْ
هي زهرةٌ في الرَّوْضِ تزهو
والفراشُ إلى جمالِ الزهرِ يهفو
وَمْضَةٌ قُزَحِيَّةُ الألوانِ
في كَوْنٍ شَدَت
فيه البلابلُ أعذبَ الألحانِ
ثم تعانقت
دِيَمُ السلامِ وأمطرت
ضَحِكَ المَدى
انفرجَت أساريرُ الشَّجَنْ !!
***
لكنَّ معركةَ المعاركِ أُشْعِلَت
-والكَرْزُ في ثَغْرِ البراءةِ قد سَكَنْ
والكُحلُ مِن حَلْكِ الليالي قد يُمِنْ -
فَتَجَمَّعَت
سُودُ السِّهامِ وَصَفَّها
للحربِ (مارِسُ) إذ رأَى
في شاطيءِ العينينِ أمواجَ الفِتَنْ !
حَرَسٌ وحَوْراءٌ أباحوا مُهجَتي
فاستوطَنَت
وَجْناتِ وَرْدٍ
-في خدودِ حبيبتي-
قد بِتْنَ للحُسْنِ الوُكَنْ !
ياويحَ قلبي حين سافَرَت الدِّماءُ
-بغيرِ عَوْدٍ -
في شرايينِ الجمالِ إلى الوطنْ !
وتَأوَّهت (فِينوسُ) حين تَحَسَّسَت
خَدًّا أسيلاً – غَيْرةً -
لِيبوحَ بالسِّرِّ العَلَنْ !
***
مَسُّ الحريرِ أناملٌ في كفِّها
والكفُّ في كَنَفِ القطيفةِ بَضَّةٌ
غَنَّى لها الفيروزُ والياقوتُ:
ما أحلى البَنانَ إذا تَأَلَّقَت الخواتِمُ والمِنَنْ !
***
6/6/2006
مفردات:
(*) يُمِن: بُورِك
(*) مارس: إلهُ الحربِ في الأساطير الإغريقية
(*) المُهجة: دماءُ القلب    (*) الوُكَن: جمع وُكْنَة وهي العُشّ
(*) فينوس: إلهةُ الجمال في الأساطير الرومانية
  (*) الأسيل: الناعم الأملس  (*) البنان: جمع بنانة وهي الإصبع
إهداءٌ آخر على فاعِلُنْ:
 زهرةٌ أيقَنَتْ إذْ رَأَتْ ثغرَها ** لنْ تَرَى نَحلةً تَشْتَهِي نَسْغَها
  إلى حفيدتي الجميلة هانيا يومَ مَولِدِها
مِن ديوان: الشاطئ البعيد

Tuesday, May 6, 2014

الحُلْمُ المفقودْ


بحثْنـا عن الحُلْمِ ذاتَ صبــاحٍ فلم يُثمرِ البحثُ في الأروِقَةْ
وقــال الشُّــــــهودُ رأيْنـاهُ يَرْكُضُ حتى علا قمَّــــــــةً ســـامِقـــــةْ
فألقـــــاهُ من فوقِهــا ثُلَّــــــةٌ(*).. زبانِيَــــــــــةُ الفئـــــةِ المارِقَــــــــةْ
وقــالوا شـــــــــهِدْنا وقد أثْخَنَتْهُ جـــراحُ الأنانيَــــــــةِ المُطبِقـــــــةْ
وقالــــوا تَحَطَّــــــــمَ عند السُّـــــــفوحِ وقد كَبَّـــلَتْـهُ يــَدٌ ماحِقـــــــــةْ
وكان بحجمِ اتِّســــــاعِ المَدَى فكيف طوَتْهُ اليـــــــــدُ المُزهِقـةْ؟!
وقالـوا: تَبَــــــاطَأ في مُنْحنَى..دُروبُ العُلا دائمــًا مُرْهِقــــــــــةْ!!
قـــالـوا..وقالـوا.. وما انفَكَّ بحثٌ يدورُ بأيَّــــــــامِنـا اللاحقـــةْ
وها نحن نُبْحِرُ دونَ شِـــــراعٍ..نُصــــــــارعُ أمواجَنا المُغرِقـةْ
نُنـــــــاديــكَ يا حُلْمَنـا والصَّـــــــدَى.. تُرَدِّدُهُ القمَمُ الشَّـــــاهقـةْ
أَيا واحَــــــةً تَجمعُ المُتعَبينَ وتغْسِــــلُهم بالرُّؤى الدَّافقـــــــــــة
يَمِيسُ النخيلُ، تُغنِّي الظِّلالُ، وفوق التِّلالِ المُنى الباسِـقةْ
تَزَيَّنَّ في حفـــــلِ عُرْسٍ بهيـجٍ تُكَلِّلُـهُ الفرحــــةُ النَّاطقــــــــــــةْ!
"عَقَدْنَ" على العزمِ.. فَرَّ النَّوى..وكانت هي الليلةَ الفارِقــةْ!
فقد آنَ أنْ يَقْطِفَ المُتْعبونَ ثمـارَ الضَّنَى غَضَّـةً مُورِقـــــةْ
وها هو سـحرُكَ طَيَّ الغُيـــــــومِ تُعاقِرُنَا شَمسُهُ المُشْرِقَـــــــةْ
***
12/3/2001

القصيدة من ديوان "التراب المُرتَهَنْ"