Tuesday, March 4, 2014

العصفورُ الذى نسي

كان عصــــــفورٌ صـغيرٌ قد تَغنَّى شـــــــــارِحًا لِلإلفِ أسرارَ الجمالْ:
كيف ينســابُ النســــــــيمُ الحرُّ ما بين الرُّبى أو عابثًا شَدَّ الرِّحالْ
كيف تمحو الريحُ في زَهْوٍ وتيــــــــهٍ كلَّ ما خَطَّ النَّدامى في الرِّمالْ
تحمِلُ الخِصْبَ ازدهــارًا وغرامــــــــًا من زهورٍ شـــــــفَّها نأْيُ الوِصالْ
كيف يعلو الموجُ مَسْرورًا فتيًّا صفحةَ المـاءِ المُسَــــجَّى في جلالْ
كيف تُدمي الأُفْقَ شمسٌ إن تداعتْ للغروبِ اسَّاقطتْ خلفَ التلالْ
والطيورُ اقتـادها شــــــوقٌ إلى أعشــــاشِها والدِّفءِ مِن برْدِ الليـالْ
وفَراشٌ عبقـــــريُّ الوَشْــــيِ يُوحِـــــي أنَّ هذا الكوْنَ عرْشٌ للكمـــالْ!
كيف يسـعى الخلقُ في دَأْبٍ وصـــبرٍ بين أدغالِ الخبايا والخيـالْ
والنجومُ الســـــــاهراتُ الليـــلَ ترنو، هالَـها عُشْـبٌ على قَيْدِ النِّزالْ
***
ذاتَ يومٍ غافــــــــلَ المســـــكينَ فخٌّ فتهـــــــــاوَى بين أطواقِ الحِبالْ
غاصَ في حُزنِ اليتــــامى فانزوت أوتــــــارُهُ تبكي فضاءً لا يُطالْ
وانطوَى في الأسْـــــــــرِ يهجـــــو مَكرَ صيَّــــــــــــادٍ وأحجارَ النِّبــــالْ!
حاول المسجونُ يومًا لم يَطِرْ إذ صَدَّهُ ســقفٌ وجُدرانُ المُحـــالْ!
سلَّمَ العصفورُ يأسًا وامَّحتْ مِن رأسِــهِ المحزونِ أفكارُ النِّضالْ!
فإذا ما أطلقوهُ اســـــتبدلَ القفْــــــزاتِ بالتحليـــقِ في عالى الجبالْ
والقُطَيِّطُ في انتظـــارٍ طــالما قد بـاتَ يهفو ثم يدعو في ابتهالْ:
يا إلهي  يا مُجيبـــًا دعوتي شــــــكرًا  فقد آتيتني صَيـــــــدًا حلالْ
ثم صار القطُّ لحْدًا لأسيرٍ قـــــــــادهُ الجــاني إلى ســــــــوءِ المآلْ!
***
وَصْمَةٌ أن تُنسيَ العصــفورَ قَسْرًا قُدرةَ التحليقِ ســــعيًا وارتحالْ
فتنةٌ أن يُحبسَ الأحرارُ إذ تنهارُ فِي القيدِ انتمــاءاتُ الرجـــــالْ!
***
20/6/2000
(*) عن قصةٍ رمزيةٍ للكاتب الكبير"أحمد بهجت" وردت في "الأهرام" في "صندوق الدنيا" وبالعنوانِ ذاتِه.

No comments:

Post a Comment