Monday, March 3, 2014

بعد الموتِ حُبًّا

 
 

نُشِرت في العدد 24 أيلول2020 من مجلة المرايا العراقية للشعر والأدب

 
 
عفــراءُ  لم يفصِلْ أُثـالةُ بيننـــا**فقد التقَيْنا في ذُرَى الأفنــــــــــــانِ
ردَّدتُ ياعفراءُ صدقًا والصَّـدَى**يرتدُّ: "عُروةُ في غرامِـــــــــكِ فانِي"
غنَّيْتُ يا قلبـــاهُ وجْـــــــــدًا شَــفَّنا**إنَّـا هَوانـَــــــــا خالــــــــــــدُ الألحانِ
لم أنسَ ياعهـــدًا تنـاغمَ في الهوى ســحرًا تمدَّدَ في رُبى الأذهانِ!
وحـرارةَ اللقْيــــــــا وظلَّ لقائِنـــــــا**عبْرَ السِّــــــياجِ القاهرِ الفِتيـــانِ
فإذا تفرَّقَ بالقوافــــــــــــلِ شــــــملُنا**فتذكَّري قـلبَ الحبيبِ العــــاني
 رُشِّي عليه نـدًى يُرَطِّبُ حُرْقــةً**عَصَفَت به والشوقُ كان الجاني
 ما للعصـافيرِ الحرائرِ ما وَعَت: عَقَصَ الرِّتـــــــاجُ  مَهاجِرَ الطيرانِ!
 هِصْـرٌ أهــانكِ ياابنــةَ العمِّ التي**ذُبِحت أمانِيــهـــا بحــــــــــدِّ هوانِ!
 أســروكِ آهٍ من مَدامــــــعِ هَوْدَجٍ**يبـكي على حُلْمٍ بلا أوطــــــــانِ!!
 صلبوهُ في صمتِ القِفارِ وَوُرِيَت**مُهَجُ النِّضالِ مَحاجِرَ النسـيانِ
 فلفَقْتُ ثوبــــــــــًا للمحبـــــةِ قُطِّعتْ**لُحْمَاتُــــــــهُ بالبــــــــــــعدِ والنُّكرانِ
 وكأنما يُخشى اخْضرارُ غرامِنـــــا**يومًا فَيَسْـــــتَعْصي على النيـرانِ
  أعيـا طبيبي ما حوَتْهُ جوانحي**تحت الضُّــــــــــلوعِ تأجُّجُ البركــانِ
  حتى إذا عزَّ الوصـــــــــالُ فإنني**قاضٍ طوتْــهُ لفــــــــــائفُ الأحزانِ
  وعلى المقــابرِ يا حبيبةُ قد نَمَـــــا**شجرٌ يُضَمِّدُ فُرْقــــةَ الأغصـانِ
  عفـــــراءُ إنّـا ها هُنــــا في مَـأمنٍ**والمَيْتُ مزَّقَ ظالـــــــــــمَ الأكفانِ!
  دُقِّي مَعِي  مِسـمارَ نعشٍ فاغــرٍ**فاهـًا ليلْقَفَ عُصْبَةَ الطُّغيـــانِ!
*****
 27/3/2001
معاني الأسماء:
عُروة: النفيس من كل شيء  / أُثالة: أصيل أو عريق  / الهِصرُ: الأسد
 (*)  الرمزُ في القصيدة مُستوحًى من القصة التالية:
أحبَّ "عُروةُ" شهيدُ بني عُذرة ، وأولُ عاشق مات بالهجر من المخضرمين (الذين عاشوا في الجاهلية وصدر الإسلام) ابنة عمِّه "عفراءَ" التى رُبِّيَ معها ليُتْمِه، وقد خطبها، ولكن عمه "هصر" أرسله بقافلة إلى الشام،
 وتمت خطبتُها لـ "أُثالة" بنِ عمهما، وعند عودة عروة رآها في طريقها إلى هوْدج عُرسها فكانت صدمتُه شديدة؛ شفَّه الوجدُ، وحار الأطباءُ في أمره حتى تُوفِّيَ دون منازل قومه! وقد بكته عفراء بعد أن أذِن لها زوجُها وتمرغت على قبره حتى إذا ما حُرِّكت وُجدت ميْتة فدُفنت إلى جواره،
ونمَت شجرتان على قبريهما حتى صارتا بحدِّ قامةٍ ثم التفَّتا، 
ولم يُعرف لأيّ جنس من النبات تنتميان!
وقد أُنشِد فيهما:
          باللهِ يا سـرْحةَ الوادي إذا خطرت   تلك المعاطفُ حيث الرَّنْدُ والغارُ*
          فعانقيهم عن الصًّبِّ الكئيبِ فمــا   على معانقةِ الأغصـــانِ إنكارُ
                                          

* الرَّنْدُ والغارُ: نوعان من الأعشاب الطيبة الرائحة

من ديوان: العصفور الذي نَسِي

2 comments:

  1. Replies
    1. شكرًا لمرورِكَ المُعطّر يا أحمد؛ ولعلك انتبهتَ إلى الحب المقصود الإشارة إليه
      وربما كان هذا هو سرُّ وقوفِك عندها
      دُمتَ بخير

      Delete